رمی الجمرات فی بحث جدید

ناصر مکارم الشیرازی

نسخه متنی -صفحه : 12/ 3
نمايش فراداده

ما هي الجَمرة؟

إنّ أصل وجوب رمي الجمرات ـ بوصفه من مناسك الحجّ ـ من مسلّمات أحكام الحجّ وضروريّاته ، وهو ممّا اتّفقت عليه آراء جميع علماء الإسلام ، ولكنّ المسألة المهمّة في باب رمي الجمرات أن نتعرّف على معنى الجمرة ، التي يجب أن نرميها بالحصى ، فهل الجمرة هي الأعمدة ، التي نقذفها اليوم بالحصى ، أو هي قطعة الأرض المحيطة بالأعمدة ، أو هي كلاهما ، وبالتالي يكفي رمي أحدهما بالحصى؟

إنّ الكثير من الفقهاء سكتوا عن بيان هذا المطلب ، بَيْدَ أنّ فريقاً منهم عبّروا بتعابير تشير بوضوح إلى أنّ «الجمرة» هي الأرض المحيطة بالأعمدة ، أي قطعة الأرض ، التي يتجمّع فيها الحصى عند رميه .

وفي كتب اللغويّين وأحاديث المعصومين(عليهم السلام) أيضاً إشارات حاكية لهذا المعنى ، بل إنّ القرائن تدلّ على أنّ موضع الجمرات لم يكن فيه عمود إبّان عصر رسول الله(صلى الله عليه وآله) و في أيّام الأئمّة المعصومين(عليهم السلام) ، وكان الحجيج يرمون حصياتهم على قطعة الأرض ، حيث يتجمّع الحصى ، ومن هنا قيل لها جمرة ، أي «مُجتمع الحصى» . وللوصول إلى هذه الحقيقة نمضي أوّلاً إلى عبارات فقهاء أهل السنّة والشيعة ، ثمّ إلى كلام اللغويّين ، لنبحث بعدئذ في روايات هذا الباب .