(كتاب النيّة و الإخلاص و الصدق) و هوالكتاب السابع من ربع المنجيات من كتبإحياء علوم الدين (بسم الله الرّحمنالرّحيم) نحمد الله حمد الشاكرين، و نؤمنبه إيمان الموقنين، و نقر بوحدانيته إقرارالصادقين و نشهد أن لا إله إلا الله ربالعالمين. و خالق السموات و الأرضين، ومكلف الجن و الإنس و الملائكة المقربين أنيعبدوه عبادة المخلصين، فقال تعالى (وَ ماأُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهمُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) فما لله إلاالدين الخاص المتين، فإنه أغنى الأغنياءعن شركة المشاركين و الصلاة على نبيه محمدسيد المرسلين، و على جميع النبيين، و علىآله و أصحابه الطيبين الطاهرين أما بعد:فقد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان وأنوار القرءان أن لا وصول إلى السعادة إلابالعلم و العبادة، فالناس كلهم هلكى إلاالعالمون، و العالمون كلهم هلكى إلاالعاملون، و العاملون كلهم هلكى إلاالمخلصون، و المخلصون على خطر عظيم.فالعمل بغير نية عناء، و النية بغير إخلاصرياء، و هو للنفاق كفاء، و مع العصيانسواء، و الإخلاص من غير صدق و تحقيق هباء. وقد قال الله تعالى في كل عمل كان بإرادةغير الله مشوبا مغمورا (وَ قَدِمْنا إِلىما عَمِلُوا من عَمَلٍ فَجَعَلْناهُهَباءً مَنْثُوراً) و ليت شعري كيف يصححنيته من لا يعرف حقيقة النية، أو كيف يخلصمن صحح النية إذا لم يعرف حقيقة الإخلاص،أو كيف تطالب المخلص نفسه بالصدق إذا لميتحقق معناه. فالوظيفة الأولى على كل عبدأراد طاعة الله تعالى أن يتعلم النية أو لالتحصل المعرفة ثم يصححها بالعمل بعد فهمحقيقة الصدق و الإخلاص، اللذين هما وسيلتاالعبد إلى النجاة و الخلاص. و نحن نذكرمعانى الصدق و الإخلاص في ثلاثة أبواب.
الباب الأول: في حقيقة النية و معناهاالباب الثاني: في الإخلاص و حقائقه البابالثالث: في الصدق و حقيقته