قلت: يكفي في عدم كثرة الإرادة و الكراهة وأمثالهما عدم كثرتها، فالكثرة فيها تابعةللكثرة في الحقيقة، فإذا لم تكن مقتضيةللكثرة فتصير النتيجة التداخل.
و ليعلم: أنّ ما ذكرنا من أنّ حقيقة الوجودقابلة للكثرة و الوحدة، و هي بنفسها لاواحدة و لا كثيرة على سبيل المماشاة معالقوم في اصطلاحهم و اقتضاء علومهم، وإلّا فالتحقيق أنّ ما هو قابل للوحدة والكثرة أي لا مقتضية لهما هي الطبيعةاللابشرط المقسمية أي الماهية من حيث هي،و هي لا يمكن أن تكون مورداً لإرادة و لاكراهة و لا أمر و لا نهي، بل هي بهذا النعتاللابشرطي لا توجد إلّا بنعت الكثرة والوحدة حتّى الموجود في الذهن بعد التحليلو التجريد لا يكون إلّا قسماً منها يرىالمقسم في ضمن أبسط الأقسام.
و هذا نظير حكمهم: بأنّ المصدر أصل الكلام«1» مع أنّ مبدأ المشتقّات يكون بلا اسم ولا رسم و ذلك لأنّ المصدر أبسط المشتقّاتعلى رأيهم «2» فيكون معرّفاً لما هو أصلالمشتقّات، لا هو بنفسه أصلها.
فقد علم: أنّ ما هو الموصوف بـ «أنّه لاواحد و لا كثير» لا يمكن أن يكون حقيقةوجود المسبّبات، كما أفاده شيخناالعلّامة، و ما هو متعلّق الإرادة والكراهة لا يمكن أن يكون تلك الطبيعةاللااقتضائيّ بشرطية. و تحقيق هذا المقاميحتاج إلى بسط الكلام و بيان متعلّقالإرادة و الكراهة، و الأوامر و النواهي،و النقض و الإبرام فيه، و ليس هنا مقامه.
و الحمد للَّه أوّلًا و آخراً.
(1) الإنصاف في مسائل الخلاف: 235، شرحالمفصّل 1: 110، شرح الكافية، الرضي 2: 191/السطر 26، شذور الذهب: 382. (2) الإنصاف في مسائل الخلاف: 237، مسائلخلافيّة: 75.