أو نقول: إنّ تبيّن الخيط الأبيض من الخيطالأسود، أمارة على الفجر الذي هو وصولشعاع الشمس إلى حدّ خاصّ من الأُفق،فالعلم به يكون متّبعاً و لو تخلّفتالأمارة «1».
قلت: كلّ ذلك خلاف ظاهر الآية الشريفةفإنّ ظاهرها أنّ تبيّن الخيطين وامتيازهما واقعاً هو الفجر، لا أنّ الفجرشيء، و التبيّنَ شيء آخر. نعم يكونالعلم أمارة على هذا التبيّن و الامتيازالنفس الأمري.
و الحاصل: أنّ امتياز الخيطين و تبيّنهما،لا واقع له إلّا بتحقّق الخيطين حسّا فإنّنور القمر إذا كان قاهراً لا يظهر البياض،فلا يتميّز الخيطان حتّى يظهر ضياء الشمسو يقهر على نور القمر.
و بعبارة اخرى: أنّ تقوّم هذا الامتياز والتبيّن الذي هو حقيقة الفجر بحسب ظاهرالآية الشريفة بظهور ضياء الشمس و غلبتهعلى نور القمر، و لا واقع له إلّا ذلك.هذا لو كانت كلمة مِنْ للتبيّن، كما لعلّهالظاهر.
و يحتمل أن تكون للنشوء، فيصير المعنى:أنّ ذاك التبيّن و الامتياز لا بدّ و أنيكون ناشئاً من بياض الفجر، و الفرض أنّبياضه لا يظهر حتّى يقهر على نور القمرحسّا. و أمّا جعل كلمة مِنْ تبعيضية فبعيد،كما لا يخفى.
و أمّا ما ذكرت أخيراً من جعل الامتيازالكذائي أمارة للفجر، و يكون الفجر وصولشعاع الشمس إلى حدّ خاصّ من الأُفق، فهوأيضاً خلاف الظاهر من الآية الشريفة، كمالا يخفى.
فإن قلت: بناءً على جعل مِنْ نشوئية يكونالفجر غير التبيّن و الامتياز الكذائي،فيكون الامتياز أمارة عليه، فيتمّالمطلوب.
(1) راجع نهاية التقرير 1: 68، جامع المدارك 1:242 243.