تستكمل، و يصحّ وجودها بالموت في مادّتهاو صورتها. فالمطلوبات فيها متردّدة بينالنفي و الإثبات دائما، بطلب أحدهمابالوسط الرابط بين الطّرفين. فإذا حصل وصار معلوما افتقر إلى بيان المطابقة، وربّما أوضحها البرهان الصّناعيّ، لكنّهمن وراء الحجاب. و ليس كالمعاينة الّتي فيعلوم الملائكة. و قد ينكشف ذلك الحجابفيصير إلى المطابقة بالعيان الإدراكيّ.فقد تبيّن أنّ البشر جاهل بالطبع للتردّدفي علمه، و عالم بالكسب و الصناعة لتحصيلهالمطلوب بفكرة الشروط الصناعيّة. و كشفالحجاب الّذي أشرنا إليه إنّما هوبالرّياضة بالأذكار الّتي أفضلها صلاةتنتهي عن الفحشاء و المنكر، و بالتنزّه عنالمتناولات المهمّة و رأسها الصوم، وبالوجهة إلى الله بجميع قواه. و الله علّمالإنسان ما لم يعلم.
إنّا نجد هذا الصنف من البشر تعتريهم حالةإلهيّة خارجة عن منازع البشر و أحوالهمفتغلب الوجهة الربانيّة فيهم علىالبشريّة في القوى الإدراكيّة والنزوعيّة من الشهوة و الغضب و سائرالأحوال البدنيّة، فتجدهم متنزّهين عنالأحوال الربّانيّة، من العبادة و الذكرللَّه بما يقتضي معرفتهم به، مخبرين عنهبما يوحى إليهم في تلك الحالة، من هدايةالأمّة على طريقة واحدة و سنن معهود منهملا يتبدّل فيهم كأنّه جبلّة فطرهم اللهعليها. و قد تقدّم لنا الكلام في الوحيأوّل الكتاب في فصل المدركين للغيب. وبيّنّا لك أنّ الوجود كلّه في عوالمهالبسيطة و المركّبة على تركيب طبيعي منأعلاها و أسفلها متّصلة كلّها اتّصالا لاينخرم. و أنّ الذوات الّتي في آخر كلّ أفقمن العوالم مستعدّة لأن تنقلب إلى الذاتالّتي تجاوزها من الأسفل و الأعلى،استعدادا طبيعيا، كما في العناصر