و استؤمن للأخرى فأمنها. و منهم مولاةلبني عبد المطلب اسمها سارة و استؤمن لهافأمّنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. واستجار رجلان من بني مخزوم بأمّ هانئ بنتأبي طالب يقال إنّهما الحرث بن هشام و زهيربن أبي أميّة أخو أمّ سلمة فأمنتهما، وأمضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّمأمانها فأسلما.
ثم دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّمالمسجد و طاف بالكعبة و أخذ المفتاح منعثمان بن طلحة بعد أن مانعت دونه أم عثمانثم أسلمته، فدخل الكعبة و معه أسامة بن زيدو بلال و عثمان بن طلحة و أبقى له حجابةالبيت فهي في ولد شيبة إلى اليوم. و أمربكسر الصور داخل الكعبة و خارجها، و بكسرالأصنام حواليها، و مرّ عليها و هي مشدودةبالرصاص يشير إليها بقضيب في يده و هويقول: جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُإِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً 17: 81، فمابقي منهم (1) صنم إلا خرّ على وجهه. و أمربلالا فأذن على ظهر الكعبة و وقف رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم بباب الكعبة ثانييوم الفتح و خطب خطبته المعروفة، و وضعمآثر الجاهلية إلّا سدانة البيت و سقايةالحاج، و أخبر أنّ مكة لم تحلّ لأحد قبله ولا بعده، و إنما أحلّت له ساعة من نهار ثمعادت كحرمتها بالأمس (2)، ثم قال: «لا إلهإلّا الله وحده لا شريك له صدق وعده و نصرعبده و هزم الأحزاب وحده ألا إنّ كل مأثورةأو دم أو مال يدعى في الجاهلية فهو تحتقدميّ هاتين إلا سدانة الكعبة و سقايةالحاج، ألا و إن قتل الخطأ مثل العمدبالسوط و العصا فيهما الدية مغلظة منهاأربعون في بطونها أولادها، يا معشر قريشإنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء الناس من آدم و آدم خلق منتراب». ثم تلا رسول الله صلّى الله عليهوسلّم: «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّاخَلَقْناكُمْ من ذَكَرٍ وَ أُنْثى 49: 13»إلى آخر الآية. يا «معشر قريش و يا أهل مكةما ترون إني فاعل فيكم؟» قالوا: خيرا أخكريم، ثم قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». وأعتقهم على الإسلام و جلس لهم فيما قيل علىالصفا فبايعوه على السمع و الطاعة للَّه ولرسوله فيما استطاعوا، و لمّا فرغ من بيعةالرجال بايع النساء، أمر عمر بن الخطاب أنيبايعهن و استغفر لهن رسول الله صلّى اللهعليه وسلّم لأنه كان لا يمس امرأة حلالا ولا حراما.
(1) الأصح ان يقول منها. (2) و في النسخة الباريسية: ثم أعيدتلحرمتها بالأمس.