فغضب و بعث (1) إلى سياوخش و كان من كبارالأساورة و شكت إليه، فأشار عليهابالقبول. و جاءه ليلة العرس فقتلالفرّخزاد و من معه، و نهض إلى سابورفحاصره ثم اقتحم عليه فقتله، و ملكتآزرميدخت و تشاغل بذلك آل ملكها (2) حتىانتهى شأن أبي بكر و صار السواد في سلطانه،و تشاغل أهل فارس عن دفاع المسلمين عنه.
و لما أبطأ خبر أبي بكر على المثنى استخلفالمثنى على الناس بشر بن الخصاصية و خرجنحو المدينة يستعلم و يستأذن، فقدم و أبوبكر يجود بنفسه و قد عهد إلى عمر و أخبرالخبر، فأحضر عمر و أوصاه أن يندب الناس معالمثنى و أن يصرف أصحاب خالد من الشام إلىالعراق، فقال عمر: يرحم الله أبا بكر علمأنه تستر في إمارة خالد فأمرني بصرفأصحابه و لم يذكره.
و لما ولي عمر ندب الناس مع المثنى بنحارثة أياما و كان أوّل منتدب أبو عبيد بنمسعود، و قال عمر للناس: إنّ الحجاز ليسلكم بدار إلّا النجعة و لا يقوى عليه أهلهإلّا بذلك أين المهاجرون عن موعد الله؟سيروا في الأرض التي وعدكم الله في الكتبأن يورثكموها. فقال: ليظهره على الدين كلهفاللَّه مظهر دينه و معز ناصره و مولى أهلهمواريث الأمم. أين عباد الله الصالحون؟فانتدب أبو عبيد الثقفيّ، ثم سعد بن عبيدالأنصاري، ثم سليط بن قيس، فولّى أبا عبيدعلى البعث لسبقه، و قال: اسمع من أصحابالنبي صلّى الله عليه وسلّم و أشركهم فيالأمر و لا تجتهد مسرعا بل اتئد فإنهاالحرب، و الحرب لا يصلحها إلّا الرجلالمكيث الّذي يعرف الفرصة و الكف. و لميمنعني أن أؤمر سليطا إلّا لسرعته إلىالحرب، و في السرعة إلى الحرب إلّا عن بيانضياع و الله لو لا سرعته لأمرته. فكان بعثأبي عبيد هذا أوّل بعث بعثه عمر، ثم بعثبعده يغلي (3) بن أمية إلى اليمن و أمرهبإجلاء أهل نجران
(1) و في نسخة أخرى: زوجة آزرميدخت، فغضبت وبعثت. (2) و في نسخة أخرى: و تشاغلوا بذلك عنملكها. (3) و في نسخة أخرى: بعليّ.