لوصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّمبذلك في مرضه، و قال أخبرهم أنّا نجليهمبأمر الله و رسوله أن لا يترك دينان بأرضالعرب ثم نعطيهم أرضا كأرضهم وفاء بذمّتهمكما أمر الله.قالوا: فخرج أبو عبيد مع المثنى بن حارثة وسعد و سليط إلى العراق، و قد كانت بورانبنت كسرى كلما اختلفت الناس بالمدائن عدلتبينهم حتى يصلحوا، فلما قتل الفرّخزاد بنالبندوان و ملكت آزرميدخت اختلف أهل فارسو اشتغلوا عن المسلمين غيبة المثنى كلها،فبعثت بوران إلى رستم تستحثه للقدوم و كانعلى فرج (1) خراسان، فأقبل في الناس إلىالمدائن و عزل الفرخزاد و فقأ عينآزرميدخت و نصبّ بوران، فملكته و أحضرتمرازبة فارس فأسلموا له و رضوا به وتوّجته. و سبق المثنى إلى الحيرة، و لحقهأبو عبيد و من معه. و كتب رستم إلى دهاقينالسواد أن يثوروا بالمسلمين و بعث في كلرستاق رجلا لذلك، فكان في فرات باذقلاجابان و في كسكرنرسي، و بعث جندا لمصادمةالمثنى فساروا و اجتمعوا أسفل الفرات. وخرج المثنى من الحيرة خوفا أن يؤتى منخلفه، فقدم عليه أبو عبيد، و نزل جابانالنمارق و معه جمع عظيم، فلقيه أبو عبيدهناك و هزم الله أهل فارس و أسر جابان ثمأطلق، و ساروا في المنهزمين حتى دخلواكسكر و كان بها نرسي ابن خالة كسرى فجمعالفالة إلى عسكره، و سار إليهم أبو عبيد منالنمارق في تعبيته، و كان على مجنبتي نرسينفدويه و شيرويه (2) ابنا بسطام خال كسرى.و اتصلت هزيمة جابان ببوران و رستم فبعثواالجالنوس مددا لنرسي و عاجلهم أبو عبيدفالتقوا أسفل من كسكر فاشتدّ القتال وانهزمت الفرس، و هرب نرسي و غنم المسلمونما في عسكره، و بعث أبو عبيد المثنى وعاصما فهزموا من كان تجمّع من أهلالرساتيق و خرّبوا و سبوا و أخذوا الجزيةمن أهل السواد و هم يتربصون قدوم الجالنوس.و لمّا سمع به أبو عبيد سار إليه علىتعبيته فانهزم الجالنوس و هرب و رجع أبوعبيد فنزل الحيرة، و قد كان عمر قال له:«إنك تقدم على أرض المكر و الخديعة والخيانة و الخزي تقدم على قوم تجرّءوا علىالشرّ فعلموه و تناسوا الخير فجهلوه فانظركيف تكون(1) الفرج: الخلل بين الشيئين، الثغر، فرجالوادي: بطنه. فرج الطريق: متنه.(2) و في النسخة الباريسية: بندويه وتبروية.