الطبقة الثالثة من العرب و هم العربالتابعة للعرب و ذكر افاريقهم و أنسابهم وممالكهم و ما كان لهم من الدول علىاختلافها و البادية و الرحالة منهم وملكها
هذه الأمّة من العرب البادية أهل الخيامالذين لا إغلاق لهم لم يزالوا من أعظم أممالعالم و أكثر أجيال الخليقة، يكثرونالأمم تارة و ينتهى إليهم العزّ و الغلبةبالكثرة فيظفرون بالملك و يغلبون علىالأقاليم و المدن و الأمصار، ثم يهلكهمالترفه و التنعّم و يغلبون عليهم و يقتلونو يرجعون إلى باديتهم، و قد هلكالمتصدّرون منهم للرئاسة بما باشروه منالترف و نضارة العيش و تصيير الأمر لغيرهممن أولئك المبعدين عنهم بعد عصور أخرى.هكذا سنّة الله في خلقه و للبادية منهم معمن يجاورهم من الأمم حروب و وقائع في كلعصر و جيل بما تركوا من طلب المعاش، وجعلوا طلب المعاش رزقهم في معاشهم بترصدالسبيل و انتهاب متاع الناس.و لما استفحل الملك للعرب في الطبقةالأولى للعمالقة، و في الثانية للتبابعة،و كان ذلك عن كثرتهم فكانوا منتشرين لذلكالعهد باليمن و الحجاز ثم بالعراق والشام، فلما تقلّص ملكهم و كانوا (1)بالعراق منهم بقيّة أقاموا ضاحين (2) من ظلالملك. يقال في مبدإ كونهم هنالك أنّبختنصّر لمّا سلطه الله على العرب و علىبني إسرائيل بما كانوا من بغيهم و قتلهمالأنبياء، قتل أهل الوبر بناحية عدن اليمننبيّهم شعيب بن ذي(1) الأصح ان يقول: و كان بالعراق منهم بقية.(2) بمعنى بعيدين.