و لما قرب المدينة بساعة من نهار أنفذمالك بن الدخشم من بني سالم و معن بن عدي منبني العجلان إلى مسجد الضرار، فأحرقاه وهدماه، و قد كان جماعة من المنافقين بنوه وأتوا إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم و هويتجهز إلى تبوك فسألوه الصلاة فيه، فقال:أنا على سفر و لو قدمنا أتيناكم فصلينا لكمفيه. فلمّا رجع أمر بهدمه. و في هذه الغزاةتخلف كعب بن مالك من بني سلمة و مرارة بنالربيع من بني عمرو بن عوف و هلال بن أميةبن واقف و كانوا صالحين، فنهى صلّى اللهعليه وسلّم عن كلامهم خمسين يوما، ثم نزلتتوبتهم، و كان المتخلفون من غير عذر نيفا وثلاثين رجلا. و كان وصوله صلّى الله عليهوسلّم من تبوك في رمضان سنة تسع، و فيهكانت وفادة ثقيف و إسلامهم، و نزل الكثيرمن سورة براءة في شأن المنافقين و ما قالوهفي غزوة تبوك آخر غزوة غزاها صلّى اللهعليه وسلّم.
إسلام عروة بن مسعود ثم وفد ثقيف و هدماللات
كان صلّى الله عليه وسلّم لما أفرج عنالطائف و ارتحل المدينة اتبعه عروة بنمسعود سيدهم، فأدركه في طريقه و أسلم و رجعيدعو قومه، فرمي بسهم في سطح بيته و هويؤذن للصلاة فمات، و منع قومه من الطلببدمه و قال: هي شهادة ساقها الله إليّ وأوصى أن يدفن مع شهداء المسلمين. ثم قدمابنه أبو المليح و قارب بن الأسود بن مسعودفأسلما، و ضيق مالك بن عوف على ثقيف واستباح سرحهم و قطع سابلتهم.
و بلغهم رجوع النبيّ صلّى الله عليه وسلّممن تبوك و علموا أنّ لا طاقة لهم بحربالعرب المسلمين، و فزعوا إلى عبد ياليل بنعمرو بن عمير، فشرط عليهم أن يبعثوا معهرجالا منهم ليحضروا مشهدة خشية على نفسهمما نزل بعروة، فبعثوا معه رجلين من أحلافقومه و ثلاثا من بني مالك، فخرج بهم عبد ياليل و قدموا على رسول الله صلّى الله عليهوسلّم في رمضان من السنة التاسعة يريدونالبيعة و الإسلام فضرب لهم قبة في المسجد،و كان خالد بن سعيد بن العاص يمشي في أمرهمو هو الّذي كتب كتابهم بخطه، و كانوا لايأكلون طعاما يأتيهم حتى يأكل منه خالد، وسألوه أن يدع لهم اللات ثلاث سنين رغبالنسائهم و أبنائهم حتى يأنسوا فأبى، وسألوه أن يعفيهم من الصلاة فقال: لا خير فيدين لا صلاة فيه، فسألوه أن لا يكسرواأوثانهم