غزوة خيبر
ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّمغازيا إلى خيبر في بقية المحرم آخر السنةالسادسة (1) و هو في ألف و أربعمائة راجل ومائتي فارس، و استخلف نميلة بن عبد اللهالليثي، و أعطى راية لعليّ بن أبي طالب، وسلك على الصهباء حتى نزل بواديها إلىالرجيع، فحيل بينهم و بين غطفان و قد كانواأرادوا إمداد يهود خيبر، فلما خرجوا ذلكقذف الله في قلوبهم الرعب لحس سمعوه منورائهم فانصرفوا و أقاموا في أماكنهم. وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفتححصون خيبر حصنا حصنا فافتتح أوّلا منهاحصن ناعم، و ألقيت على محمود بن سلمة منأعلاه رحى فقتلته. ثم افتتح القموص حصن ابنأبي الحقيق، و أصيبت منهم سبايا كانتمنهنّ صفية بنت حييّ ابن أخطب، و كانتعروسا عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيقفوهبها عليه السلام لدحية، ثم ابتاعها منهبسبعة أرؤس و وضعها عند أمّ سلمة حتىاعتدّت و أسلمت ثم أعتقها و تزوّجها. ثمفتح حصن الصعب بن معاذ، و لم يكن بخيبرأكثر طعاما و ودكا منه. و آخر ما افتتح منحصونهم الوطيح و السلالم حصرهما بضع عشرةليلة. و دفع إلى عليّ الراية في حصار بعضحصونهم ففتحه، و كان أرمد فتفل في عينهصلّى الله عليه وسلّم فبرأ.و كان فتح بعض خيبر عنوة و بعضها و هوالأكثر صلحا على الجلاء، فقسّمها صلّىالله عليه وسلّم و أقر اليهود على أنيعملوها بأموالهم و أنفسهم و لهم النصف منكل ما تخرج من زرع أو تمر يقرّهم على ذلك مابدا له، فبقوا على ذلك الى آخر خلافة عمرفبلغه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّمقال في مرضه الّذي مات فيه: «لا يبقى دينانبأرض العرب، فأمر باجلائهم عن خيبر وغيرها من بلاد العرب». و أخذ المسلمونضياعهم من مغانم خيبر فتصرّفوا فيها، وكان متولي قسمتها بين أصحابها جابر بن صخرمن بني(1) هذا منقول عن مالك بناء على ان ابتداءالسنة من شهر الهجرة الحقيقي و هو ربيع وعلى المشهور محرم هو أول سنة سبع كما فيالمواهب- قاله نصر.