غزوة أحد
و كانت قريش بعد واقعة بدر قد توامروا (1) وطلبوا من أصحاب العير أن يعينوهم بالمالليتجهزوا به لحرب رسول الله صلّى اللهعليه وسلّم فأعانوهم، و خرجت قريشبأحابيشها و حلفائها و ذلك في شوّال من سنةثلاث، و احتملوا الظعن التماسا للحفيظة وأن لا يفرّوا، و أقبلوا حتى نزلوا ذاالحليفة قرب أحد ببطن السبخة مقابلالمدينة على شفير واد هنالك، و ذلك في رابعشوّال. و كانوا في ثلاثة آلاف فيهم سبعمائةدارع و مائتا فرس و قائدهم أبو سفيان ومعهم خمس عشرة امرأة بالدفوف يبكين قتلىبدر.و أشار صلّى الله عليه وسلّم على أصحابهبأن يتحصنوا بالمدينة و لا يخرجوا و إنجاءوا قاتلوهم على أفواه الأزقة، و أقر (2)ذلك على رأي عبد الله بن أبي بن سلول، وألحّ قوم من فضلاء المسلمين ممن أكرمهالله بالشهادة فلبس لامته و خرج، و قدمأولئك الذين ألحّوا عليه و قالوا: يا رسولالله إن شئت فاقعد. فقال: ما ينبغي لبني إذالبس لامته أن يضعها حتى يقاتل. و خرج في ألفمن أصحابه، و استعمل ابن أم مكتوم علىالصلاة بقية المسلمين بالمدينة. فلما ساربين المدينة و أحد انخزل عنه عبد الله بنأبي في ثلث الناس مغاضبا لمخالفة رأيه فيالمقام، و سلك رسول الله صلّى الله عليهوسلّم حرّة بني حارثة و مرّ بين الحوائط وأبو خيثمة من بني حارثة يدل به حتى نزلالشعب من أحد مستندا إلى الجبل، و قد سرحتقريش الظهر و الكراع في زروع المسلمين وتهيأ للقتال في سبعمائة فيهم خمسون فارساو خمسون راميا، و أمّر على الرماة عبد اللهبن جبير من بني عمرو بن عوف و الأوس أخوخوّات، و رتبهم خلف الجيش ينضحون بالنبللئلا يأتوا المسلمين من خلفهم، و دفعاللواء إلى مصعب بن عمير من بني عبد الدار،و أجاز يومئذ سمرة بن جندب الفزاري و رافعبن خديج من بني حارثة في الرماة و سنهماخمسة عشر عاما، و ردّ أسامة بن زيد و عبدالله بن عمر بن الخطّاب و من بني مالك بنالنجار زيد بن ثابت و عمرو بن حرام و من بنيحارثة البراء بن عازب و أسيد بن ظهير، و ردعرابة بن أوس و زيد بن أرقم و أبا سعيدالخدريّ سن جميعهم يومئذ أربعة عشر عاما. وجعلت قريش على ميمنة الخيل خالد بنالوليد،(1) ربما قصد المؤرخ تآمروا.(2) و في نسخة اخرى: وافقا.