الوفود
و لما فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّممن تبوك و أسلمت ثقيف ضربت إليه وفود العربمن كل وجه حتى لقد سميت سنة الوفود. قال ابنإسحاق: و إنما كانت العرب تتربص بالإسلامأمر هذا الحي من قريش و أمر النبيّ صلّىالله عليه وسلّم، و ذلك أنّ قريشا كانواإمام الناس و هاديهم و أهل البيت و الحرم وصريح ولد إسماعيل و قادتهم لا ينكرون لهم،و كانت قريش هي التي نصبت لحربه و خلافه.فلمّا استفتحت مكة و دانت قريش و دخلهاالإسلام عرفت العرب أنهم لا طاقة لهمبحربة و عداوته، فدخلوا في دينه أفواجايضربون إليه من كل وجه انتهى.فأوّل من قدم إليه بعد تبوك وفد بني تميم وفيه من رءوسهم: عطارد بن حاجب بن زرارة بنعدس من بني دارم بن مالك، و الحتات بن زيد(2)، و الأقرع بن حابس، و الزّبرقان بن بدرمن بني سعد، و قيس بن عاصم، و عمرو بنالأهتم و هما من بني منقر، و نعيم بن زيد ومعهم عيينة بن حصن الفزاريّ. و قد كانالأقرع و عيينة شهدا فتح مكة و خيبر و حصارالطائف، ثم جاءا مع وفد بني تميم، فلمّادخلوا المسجد نادوا من وراء الحجرات فنزلتالآيات في إنكار ذلك عليهم. و لمّا خرجقالوا جئنا نفاخرك بخطيبنا و شاعرنا فأذنلهم، فخطب عطار و فاخر و يقال و الأقرع بنحابس، ثم أنشد الزبرقان بن بدر شعرابالمفاخرة، و دعا رسول الله صلّى اللهعليه وسلّم ثابت بن قيس بن الشماس من بنيالحرث بن الخزرج فخطب و حسّان بن ثابتفأنشد مساجلين لهم، فأذعنوا للخطبة والشعر و السؤدد و الحلم، و قالوا: هذا(1) و في النسخة الباريسية: بنو مغيث.(2) و في نسخة اخرى: الحباب بن يزيد.