ولاية عمرو بن العاص مصر
قد تقدّم لنا ما كان من اجتماع العثمانيةبنواحي مصر مع معاوية بن حديج السكونيّ، وان محمد بن أبي بكر بعث إليهم العساكر منالفسطاط مع ابن مضاهم (2) فهزموه و قتلوه، واضطربت الفتنة بمصر على محمد بن أبي بكر، وبلغ ذلك عليّا فبعث إلى الأشتر من مكانعمله بالجزيرة و هو نصيبين فبعثه على مصر وقال: ليس لها غيرك.و بلغ الخبر إلى معاوية و كان قد طمع فيمصر فعلم أنها ستتمنع بالأشتر، و جاءالأشتر فنزل على صاحب الخراج بالقلزم فماتهنالك، و قيل إنّ معاوية بعث إلى صاحبالقلزم فسمّه على أن يسقط عنه الخراج و هذابعيد. و بلغ خبر موته عليّا فاسترجع واسترحم و كان محمد بن أبي بكر لما بلغتهولاية الأشتر شق عليه فكتب عليّ يعتذرإليه و أنّه لم يولّه لسوء رأي في محمد وإنّما هو لما كان يظن فيه من الشدّة، و قدصار إلى الله و نحن عنه راضون فرضي اللهعنه و ضاعف له الثواب، فاصبر لعدوّك و شمّرللحرب و ادع الى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة و أكثر من ذكر الله والاستعانة به و الخوف منه يكفيك ما أهمّك ويعينك على ما ولّاك. فأجابه محمد بالرضىبرأيه و الطاعة لأمره، و أنه مزمع علىحرابة من خالفه.ثم لمّا كان من أمر الحكمين ما كان و اختلفأهل العراق على عليّ، و بايع أهل الشاممعاوية بالخلافة، فأراد معاوية صرف عمله(3) إلى مصر لما كان يرجو من الاستعانة علىحروبه بخراجها، و دعا بطانته أبا الأعورالسلميّ و حبيب بن مسلمة و بسر بن(1) و في النسخة الباريسية: أقوى على العدو.(2) هو ابن مضاهم الكلبي.(3) و في النسخة الباريسية: فازداد معاوية وصرف همه.