ولاية عبد الله بن أبي سرح على مصر و فتحافريقية
و في سنة ست و عشرين عزل عثمان عمرو بنالعاص عن خراج مصر و استعمل مكانه عبد اللهبن أبي سرح أخاه من الرضاعة، فكتب إلىعثمان يشكو عمرا فاستقدمه و استقل عبدالله بالخراج و الحرب و أمره بغزو افريقية.و قد كان عمرو بن العاص سنة إحدى و عشرينسار من مصر إلى برقة فصالح أهلها علىالجزية ثم سار إلى طرابلس فحاصرها شهرا، وكانت مكشوفة السور (1) من جانب البحر و سفنالروم في مرساها فحسر القوم في بعض الأيامو انكشف أمرها لبعض المسلمين المحاصرينفاقتحموا البلد بين البحر و البيوت فلميكن للروم ملجأ إلّا سفنهم، و ارتفعالصياح فأقبل عمرو بعساكره فدخل البلد ولم تفلت الروم إلا بما خفّ في المراكب، ورجع إلى مدينة صبرة و كانوا قد آمنوا بمنعةطرابلس فصبحهم المسلمون و دخلوها عنوة، وكمل الفتح و رجع عمرو إلى برقة فصالحهأهلها على ثلاثة عشر ألف دينار جزية و كانأكثر أهل برقة لواتة. و كان يقال إنّالبربر ساروا بعد قتل ملكهم جالوت الىالمغرب و انتهوا إلى لوبية و مراقيةكورتان من كور مصر، فصارت زنانة و مغيلة منالبربر الى المغرب فسكنوا الجبال و سكنتلواتة برقة و تعرف قديما انطابلس، وانتشروا إلى السوس و نزلت هوّارة مدينةلبدة و نزلت نفوسة مدينة صبرة و جلوا منكان هنالك من الروم، و أقام الأفارق و همخدم الروم و بقيتهم على صلح يؤدونه إلى منغلب عليهم إلى أن كان صلح عمرو بن العاص.ثم إنّ عبد الله بن أبي سرح كان أمره عثمانبغزو افريقية سنة خمس و عشرين، و قال له: إنفتح الله عليك فلك خمس الخمس من الغنائم. وأمر عقبة بن نافع بن عبد القيس على جند وعبد الله بن نافع بن الحرث على آخر وسرحهما، فخرجوا إلى افريقية في عشرة آلافو صالحهم أهلها على مال يؤدّونه و لميقدروا على التوغل فيها لكثرة أهلها. ثم إنعبد الله بن أبي سرح (2) استأذن عثمان في ذلكو استمدّه، فاستشار عثمان الصحابةفأشاروا به، فجهز العساكر من المدينة وفيهم جماعة من الصحابة منهم ابن عباس و ابنعمرو بن العاص و ابن جعفر و الحسن(1) و في النسخة الباريسية منكشفة السور.(2) و في نسخة اخرى: ثم لما ولي عبد الله بنأبي سرح