سرية زيد بن حارثة إلى قردة:
و كانت قريش من بعد بدر قد تخوّفوا مناعتراض المسلمين عيرهم في طريق الشام وصاروا يسلكون طريق العراق، و خرج منهمتجّار فيهم أبو سفيان بن حرب و صفوان بنأمية و استجاروا بفرات بن حيان من بكر بنوائل فخرج بهم في الشتاء و سلك بهم علىطريق العراق، و انتهى خبر العير إلىالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم و ما فيها منالمال و آنية الفضة، فبعث زيد بن حارثة فيسريّة فاعترضهم و ظفر بالعير و أتى بفراتبن حيّان العجليّ أسيرا فتعوذ بالإسلام وأسلم.و كان خمس هذه الغنيمة عشرين ألفا.قتل ابن أبي الحقيق:
كان سلام بن أبي الحقيق هذا من يهود خيبر وكنيته أبو رافع، و كان يؤذي رسول الله صلّىالله عليه وسلّم و أصحابه و يحزب عليهمالأحزاب، مثلا أو قريبا من كعب بن الأشرف،و كان الأوس و الخزرج يتصاولان تصاولالفحلين في طاعة رسول الله صلّى الله عليهوسلّم و الذبّ عنه و النيل من أعدائه، لايفعل أحد القبيلتين شيئا من ذلك إلّا فعلالآخرون مثله. و كان الأوس قد قتلوا كعب بنالأشرف كما ذكرناه، فاستأذن الخزرج رسولالله صلّى الله عليه وسلّم في قتل ابن أبيالحقيق نظير ابن الأشرف في الكفر والعداوة، فأذن لهم.فخرج إليهم من الخزج ثم من بني سلمة (1)ثمانية نفر منهم: عبد الله بن عقيل و مسعربن سنان و أبو قتادة و الحرث بن ربعيالخزاعي من حلفائهم في آخرين، و أمر عليهمعبد الله بن عقيل و نهاهم أن يقتلوا وليداأو امرأة، و خرجوا في منتصف جمادى الآخرةمن سنة ثلاث، فقدموا خيبر، و أتوا دار ابنأبي الحقيق في علية له بعد أن انصرف عنهسمره و نام، و قد أغلقوا الأبواب من حيثأفضوا كلها عليهم، و نادوه ليعرفوا مكانهبصوته، ثم تعاوروه بسيوفهم حتى قتلوه، وخرجوا من القصر و أقاموا ظاهره حتى قامالناعي على سور القصر فاستيقنوا موته، وذهبوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّمبالخبر. و كان أحدهم قد سقط من درج العليةفأصابه كسر في ساقه فمسح عليه رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم و برأ(2).(1) و في النسخة الباريسية: من بني ساعدةسلمة.(2) و في نسخة ثانية: فبرئت.