تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 3 -صفحه : 665/ 574
نمايش فراداده

«574»

و هرب أهل الحريم الخلافي فاستدعى القائمالعميد الكندي للمدافعة عن دار الخلافةفلم يرعهم إلّا اقتحام العدوّ عليهم منالباب النوبي، فركب الخليفة و لبس السواد،و النهب قد وصل باب الفردوس، و العميدالكندي قد استأمن الى قريش فرجع و نادىبقريش من السور فاستأمن إليه على لسانرئيس الرؤساء، و استأمن هو أيضا معه، وخرجا إليه و سارا معه و نكر البساسيري علىقريش نقضه لما تعاهدا عليه، فقال: إنماتعاهدنا على الشركة فيما يستولي عليه، وهذا رئيس الرؤساء لك و الخليفة لي.

و لما حضر رئيس الرؤساء عند البساسيريوبّخه و سأله العفو فأبى منه، و حمل قريشالقائم الى معسكره على هيئته، و وضع خاتونبنت أخي السلطان طغرلبك في يد بعض الثقاتمن خواصّه و أمره بخدمتها، و بعث القائمابن عمّه مهارش فسار به إلى بلده حديثة خانو أنزله بها. و أقام البساسيري ببغداد وصلّى عيد النحر بالألوية المصريّة و أحسنإلى الناس و أجرى أرزاق الفقهاء و لميتعصّب المذهب. و أنزل أمّ القائم بدارها وسهّل جرايتها، و ولى محمود بن الأفرم علىالكوفة، و سعى الفرات و أخرج رئيس الرؤساءمن محبسه آخر ذي الحجة فصلبه عند التجيبيّلخمسين سنة من تردّده في الوزارة. و كانابن ماكولا قد قبل شهادته سنة أربع عشرة، وبعث البساسيري الى المستنصر العلويّبالفتح و الخطبة له بالعراق، و كان هنالكأبو الغرج ابن أخي أبي القائم المغربي،فاستهان بفعله و خوّفه عاقبته، و أبطأتأجوبته مدّة، ثم جاءت بغير ما أمل، و سارالبساسيري من بغداد إلى واسط و البصرةفملكها، و أراد قصر الأهواز فبعث صاحبهاهزارشب بن شكر فأصلح أمره على مال يحمله. ورجع البساسيري إلى واسط في شعبان سنة إحدىو خمسين، و فارقه صدقة بن منصور بن الحسينالأسدي إلى هزارشب، و قد كان ولّى بغدادأباه على ما يذكر. ثم جاء الخبر إلىالبساسيري بظفر طغرلبك بأخيه، و بعث إليهوالي قريش في إعادة الخليفة إلى داره، ويقيم طغرلبك، و تكون الخطبة و السكّة لهفأبى البساسيري من ذلك، فسار طغرلبك إلىالعراق، و انتهى إلى قصر شيرين، و أجفلالناس بين يديه. و رحل أهل الكرخ بأهليهم وأولادهم برّا و بحرا، و كثر عيث بني شيبانفي الناس، و ارتحل البساسيري بأهله و ولدهساوس ذي القعدة سنة إحدى و خمسين لحولكامل.

من دخوله و كثر الهرج في المدينة و النهب والإحراق. و رحل طغرلبك إلى بغداد بعد أن‏