كان السلطان طغرلبك قد خطب من القائمابنته على يد أبي سعد قاضي الريّ سنة ثلاثو خمسين، فاستنكف من ذلك. ثم بعث أبا محمدالتميمي في الاستعفاء من ذلك و إلّافيشترط ثلاثمائة ألف دينار و واسط وأعمالها. فلما ذكر التميمي ذلك للوزيرعميد الملك بنى الأمر على الإجابة قال: ولا يحسن الاستعفاء، و لا يليق بالخليفةطلب المال، و أخبر السلطان بذلك فسرّ به وأشاعه في الناس و لقّب وزيره عميد الملك وأتى أرسلان خاتون زوجة القائم و معه مائةألف ألف دينار و ما يناسبها من الجواهر والجوار، و بعث معهم قرامرد بن كاكويه (1) وغيره من أمراء الريّ، فلمّا وصلوا إلىالقائم استشاط و همّ بالخروج من بغداد. وقال له العميد: ما جمع لك في الأوّل بينالامتناع و الاقتراح و خرج مغضبا إلىالنهروان فاستوقفه قاضي القضاة و الشيخأبو منصور بن يوسف. و كتب من الديوان إلىخمارتكين من أصحاب السلطان بالشكوى منعميد الملك و جاءه الجواب بالرفق. و لم يزلعميد الملك يريّض الخليفة و هو يتمنّع إلىأن رحل في جمادى من سنة أربع و خمسين. و رجعإلى السلطان و عرّفه بالحال، و نسب القضيةإلى خمارتكين فتنكر له السلطان و هرب، واتّبعه أولاد ينال فقتلوه بثأر أبيهم، وجعل مكانه سارتكين (2) و بعث للوزير بشأنه. وكتب السلطان إلى قاضي القضاة و الشيخ أبيمنصور بن يوسف بالعتب، و طلب بنت أخي زوجةالقائم فأجاب الخليفة حينئذ إلى الإصهار،و فوّض إلى الوزير عميد الكندريّ عقدالنكاح على ابنته للسلطان، و كتب بذلك إلىأبي الغنائم المجلبان فعقد عليها في شعبانمن تلك السنة بظاهر تبريز. و حمل السلطانللخليفة أموالا كثيرة و جواهر لوليّ العهدو للمخطوبة، و أقطع ما كان بالعراق لزوجتهخاتون المتوفاة للسيدة بنت الخليفة.
و توجّه السلطان في المحرم سنة خمس وخمسين من أرمينية إلى بغداد و معه منالأمراء أبو علي بن أبي كاليجار و سرخاب بنبدر و هزار و أبو منصور بن قرامرد بنكاكويه، و خرج الوزير ابن جهير فتلقّاه، وترك عسكره بالجانب الغربي، و نادى الناسبهم. و جاء الوزير ابن العميد لطلبالمخطوبة فأفرد له القائم دورا لسكناه وسكنى
(1) فرامرز بن كاكويه: ابن الأثير ج 10 ص 21.
(2) ساوتكين: ابن الأثير ج 10 ص 22.