و جاءت دولة الهواشم كما يذكر. و شكر هذاهو الّذي يزعم بنو هلال بن عامر أنه تزوّجالجازية بنت سرحان من أمراء الأثبج منهم،و هو خبر مشهور بينهم في أقاصيصهم، وحكايات يتناقلونها و يطرّزونها بأشعار منجنس لغتهم و يسمونه الشريف بن هاشم. و قالابن حزم غلب جعفر بن أبي هاشم على مكة أيامالإخشيديّين و ولي بنوه من بعده عيسى بنجعفر، و أبو الفتوح و ابنه شكر بن أبيالفتوح. و قد انقرض لأنّ شكرا لم يولد له، وصار أمر مكة إلى عبد كان له. انتهى كلام ابنحزم و ليس أبو هاشم الّذي نسب جعفر إليهأبا الهواشم الّذي يأتي ذكرهم لأن هذا كانأيام الإخشيديّين و ذلك أيام المستضيءالعبيدي و بينهما نحو من مائة سنة.
هؤلاء الهواشم من ولد أبي هاشم محمد بنالحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله أبيالكرام بن موسى الجون و نسبه معروف و قدمرّ. و كانت بين هؤلاء الهواشم و بينالسليمانيّين فتن متّصلة، و لما مات شكرذهبت الرئاسة من بني سليمان لأنه لم يعقب.
و تقدّم فيهم طراد بن أحمد، و لم يكن منبيت الإمارة و إنما كانوا يؤملونه لإقدامهو شجاعته. و كان رئيس الهواشم يومئذ محمدبن جعفر بن محمد و هو أبو هاشم المذكور، وقد ساد في الهواشم، و عظم ذكره فاقتتلواسنة أربع و خمسين بعد موت شكر فهزم الهواشمبني سليمان و طردوهم عن الحجاز، فسارواإلى اليمن، و كان لهم بها ملك كما يذكر. واستقل بإمارة مكّة الأمير محمد بن جعفر وخطب للمستنصر العبيدي. ثم ابتدأ الحاج منالعراق سنة ست و خمسين بنظر السلطان ألبأرسلان ابن داود ملك السلجوقية حين استولىعلى بغداد و الخلافة، طلب منه القائم ذلكفبذل المال و أخذ رهائن العرب، و حج بالناسأبو الغنائم نور الدين المهدي الزيني نقيبالطالبيّين. ثم جاور في السنة بعدها واستمال الأمير محمد بن جعفر عن طاعةالعبيديّين فخطب لبني العبّاس سنة ثمان وخمسين، و انقطعت ميرة مصر عن مكة فعذلهأهله على ما فعل فرد الخطبة للعبيديّين. ثمخاطبه القائم و عاتبه و بذل له أموالا