و استحلفه على دعواه، و قتل عبده فسرالناس بذلك، و مالوا عن الطبري و أصحابه، وافترق جمعهم و ضبط الحسن أمره، و خشي الرومبادرته فدفعوا إليه جزية ثلاث سنين. و بعثملك الروم بطريقا في البحر في عسكر كبيرإلى صقلّيّة، و اجتمع هو و السردغرس. واستمدّ الحسن بن علي المنصور فأمدّه بسبعةآلاف فارس و ثلاثة آلاف و خمسمائة راجل، وجمع الحسن من كان عنده و سار برا و بحرا. وبعث السرايا في أرض قلورية، و نزل علىأبراجه فحاصرها و زحف إليه الروم فصالحهعلى مال أخذه، و زحف إلى الروم ففروا منغير حرب. و نزل الحسن على قلعة قيشانةفحاصرها شهرا و صالحهم على مال و رجعبالأسطول إلى مسينى فشتى بها. و جاءه أمرالمنصور بالرجوع إلى قلورية فعبر إلىخراجة فلقي الروم و السردغرس فهزمهم، وامتلأ من غنائمهم، و ذلك يوم عرفة سنةأربعين و ثلاثمائة. ثم سار إلى خراجةفحاصرها حتى هادنه ملك الروم قسطنطين. ثمعاد إلى ربو (1) و بنى بها مسجدا وسطالمدينة، و شرط على الروم أن لا يعرضوا له،و أن من دخله من الأسرى أمن.
و لما توفي المنصور و ملك ابنه المعز سارإليه الحسن، و استخلف على صقلّيّة ابنهأحمد، و أمره المعز بفتح القلاع التي بقيتللروم بصقلية فغزاها، و فتح طرمين و غيرهاسنة إحدى و خمسين، و أعيته رمطة فحاصرهافجاءها من القسطنطينية أربعون ألفا مددا.و بعث أحمد يستمد المعز فبعث إليه المددبالعساكر و الأموال مع أبيه الحسن. و جاءمدد الروم فنزلوا بمرسى مسينة و زحفوا إلىرمطة، و مقدم الجيوش على حصارها الحسن بنعمار و ابن أخي الحسن بن علي فأحاط الرومبهم.
و خرج أهل البلد إليهم و عظم الأمر علىالمسلمين فاستماتوا و حملوا على الروم وعقروا فرس قائدهم منويل فسقط عن فرسه، وقتل جماعة من البطارقة معه. و انهزم الرومو تتبعهم المسلمون بالقتل، و امتلأتأيديهم من الغنائم و الأسرى و السبي. ثمفتحوا رمطة عنوة و غنموا ما فيها، و ركبفلّ الروم من صقلّيّة و جزيرة رفق فيالأسطول ناجين بأنفسهم، فأتبعهم الأميرأحمد في المراكب فحرقوا مراكبهم، و قتلكثير منهم، و تعرف هذه الوقعة بوقعةالمجاز، و كانت سنة أربع و خمسين و أسرفيها ألف من عظمائهم و مائة بطريق. و جاءتالغنائم و الأسارى إلى مدينة بليرم، حاضرةصقلّيّة،
(1) هي ريو و قد مرت معنا في السابق.