من ذلك الأصل العام، فإن اللّه سبحانه فيآية بحثنا و عشرات الآيات الاخرى التالية،بيّن مقاطع من حياة بني إسرائيل و مصيرهم،لإكمال الدرس التربوي الذي بدأ بقصة آدم.
يوجه القرآن خطابه إلى بني إسرائيل ويقول: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوانِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُعَلَيْكُمْ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِبِعَهْدِكُمْ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ.
الأوامر الثلاثة التي تذكرها الآيةالكريمة و هي: تذكّر النعم الإلهية، والوفاء بالعهد، و الخوف من اللّه، تشكلالمنهج الإلهي الكامل للبشرية.
تذكّر النعم الإلهية يحفّز الإنسانللاتجاه نحو معرفة اللّه سبحانه و شكره.
و استشعار العهد الإلهي الذي يستتبعالنعم الإلهية يدفع الكائن البشري إلىالنهوض بمسؤولياته و واجباته. ثم الخوف مناللّه وحده- دون سواه- يمنح الإنسان العزمعلى تحدّي كل العقبات التي تقف بوجه تحقيقأهدافه و الالتزام بعهده. لأن التخوفالموهوم من هذا و ذاك أهم موانع الالتزامبالعهد الإلهي.
و ظاهرة الخوف كانت متغلغلة في أعماق نفوسبني إسرائيل نتيجة السيطرة الفرعونيةالطّويلة عليهم.
يحتل الحديث عن اليهود قسما هاما من سورةالبقرة، التي هي أوّل سورة نزلت فيالمدينة كما صرح بذلك بعض العلماء، لأنّاليهود كانوا أشهر مجموعة من أهل الكتابفي المدينة، و كانوا قبل ظهور النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم ينتظرون رسولا بشّرتبه كتبهم الدينيّة، كما أنهم كانوايتمتعون بمكانة اقتصادية مرموقة، و لذلككله كان لليهود نفوذ عميق في المدينة.