قاطبة و بدعوا من أنكرها و صاحوا به من كلجانب و نادوا عليه بالضلال» «1».
و قبل أن ندرس الآثار الاجتماعية والنفسية لمسألة الشفاعة و الاشكالياتالأربع حول فلسفة الشفاعة، نلقي نظرة علىالآثار المعنوية لهذه المسألة في إطارآراء الموحّدين المؤمنين بالشفاعة، فمثلهذه النظرة تمهّد السبيل لدراستناالقادمة في حقل الشفاعة و معطياتهاالاجتماعية و النفسية. «2»
اختلف علماء العقائد المسلمون في كيفيةالتأثير المعنوي للشفاعة. فقال جمع يسمون«الوعيدية»، و هم المؤمنون بخلود مرتكبيالكبائر في جهنم: إن الشفاعة ليس لها أثرعلى إزالة آثار الذنوب، بل تأثيرها يقتصرعلى زيادة الثواب و على التكامل المعنوي.
و «التفضيلية» و هم من يعتقد بعدم خلودمرتكبي الكبائر في جهنم، فيذهبون إلى أنالشفاعة تشمل المذنبين، و تؤثر في إسقاطالعقاب عنهم.
أما «الخواجة نصير الدين الطوسي رحمهاللّه» فيؤيد كلا الأمرين في كتابه «تجريدالاعتقاد» و يرى وجود كلا الأثرينللشفاعة.
«العلّامة الحلي رحمه اللّه» شرح عبارةالطوسي في كتابه «كشف المراد» و لم يردّعليها بل أورد شواهد عليها.
لو أخذنا بنظر الاعتبار ما مرّ بنا بشأنمعنى الشفاعة لغويا و مقارنتها بالشفاعةالتكوينيّة، لما ترددنا في صحة ما ذهبإليه المحقق الطوسي.
فمن جهة، ثمة
رواية معروفة عن الإمام الصادق عليهالسّلام هي: «ما من أحد من الأوّلين والآخرين إلّا و هو محتاج إلى شفاعة محمّدصلّى الله عليه وآله وسلّم يوم القيامة»«3».
و استنادا إلى هذه الرواية، يحتاج إلىالشفاعة كل النّاس، حتى التائبون
1- فتح المجيد، ص 211. 2- ينبغي الالتفات إلى أننا نعالج هذهالمسألة من خلال المنطق الخاص لعلماءالعقائد. 3- نقلا عن البحار و كتب اخرى.