صفة الخلود و الأبدية يختص بها اللّهتعالى من بين سائر الموجودات، و من هناينبغي أن يبدأ كلّ شيء باسمه و تحت ظلّه وبالاستمداد منه. و لذلك كانت البسملة أوّلآية في القرآن الكريم.
و البسملة لا ينبغي أن تنحصر في اللفظ والصورة، بل لا بدّ أن تتعدّى ذلك إلىالارتباط الواقعي بمعناها، و هذاالارتباط يخلق الاتجاه الصحيح و يصون منالانحراف، و يؤدي حتما إلى نتيجة مطلوبةمباركة. لذلك
جاء في الحديث النّبوي الشريف: «كلّ أمرذي بال لم يذكر فيه اسم اللّه فهو أبتر»«1».
و أمير المؤمنين عليه السّلام بعد نقلهلهذا الحديث الشريف قال: «إنّ العبد إذاأراد أن يقرأ أو يعمل عملا فيقول بسم اللّهالرّحمن الرّحيم فإنّه يبارك فيه» «2».
و يقول الإمام محمّد بن علي الباقر عليهالسّلام: «... و ينبغي الإتيان به عندافتتاح كلّ أمر عظيم أو صغير ليبارك فيه»«3».
بعبارة موجزة: بقاء العمل و خلوده يتوقفعلى ارتباطه باللّه.
من هنا كانت الآية الاولى التي أنزلهااللّه على نبيّه الكريم تحمل أمرا لصاحبالرسالة أن يبدأ مهمته الكبرى باسم اللّه:اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ... «4».
و لذلك أيضا فإنّ نوحا عليه السّلام- حينيركب السفينة في ذلك الطوفان العجيب، ويمخر عباب الأمواج الهادرة، و يواجه ألوانالأخطار على طريق تحقيق هدفه- يطلب منأتباعه أن يردّدوا البسملة في حركاتالسفينة و سكناتها. وَ قالَ ارْكَبُوافِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها «5». و انتهت هذه السفرة المليئةبالأخطار بسلام و بركة كما يذكر القرآنالكريم:
1- بحار الأنوار، ج 16، باب 58. نقلا عن تفسيرالبيان، ج 1، ص 461. 2- بحار الأنوار، مجلد 92، باب 29، ص 242. 3- الميزان، ج 1، ص 21. 4- العلق، 1. 5- هود، 41.