و هكذا تستطيع الأهواء و المصالح الشخصيةأن تقف بوجه طالب الحقيقة، مهما كان الفردعاشقا لهذه الحقيقة و توّاقا للوصول إليهافيتركها و يعرض عنها، بل تستطيع الأهواءأيضا أن تحوّل هذا الفرد إلى عدوّ لدودلهذه الحقيقة.
ما أشدّ خسارة هؤلاء اليهود، تركواأوطانهم و هاموا في الأرض بحثا عن علاماتأرض الرسالة، ثم ها هم خسروا كل شيء، وباعوا أنفسهم بأسوأ ثمن:
بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِأَنْفُسَهُمْ.
لقد ضيعوا كل شيء و كأنهم أرادوا أن يكونالنّبي الموعود من بني إسرائيل، و لهذاتألموا من نزول القرآن على غيرهم، بل ممنشاء اللّه: أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَاللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُمِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْعِبادِهِ.
و لذلك شملهم غضب اللّه المتوالي: فَباؤُبِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَ لِلْكافِرِينَعَذابٌ مُهِينٌ.
إنه لخسران عظيم أن تتهيّا للإنسان كل سبلالهداية ثم يعرض عنها لأمور تافهة، واليهود المعاصرون للنبي الخاتم صلّى اللهعليه وآله وسلّم هم من أولئك، توفّرت لهمكل هذه السبل، بل تحركوا زمنا يبتغون مصدرهذه الهداية، و عثروا بعد جهد على مبتغاهمحين حطوا رحالهم بين «العير» و «أحد»انتظارا للنبي الموعود، ثم إذا هم يخسرونكل شيء، حين علموا أن هذا النّبي المبعوثليس من بني إسرائيل، أو أنه لا يحققمصالحهم الشخصية.
ما أكبر الخسارة حين يبيع الإنسان نفسهبهذا الشكل و يشتري بها غضب اللّه عزّ وجلّ! بينما ليس لوجود الإنسان ثمن إلّاالجنّة كما
يقول أمير المؤمنين