لكان ذلك، دون زيادة أو نقص، و لو أراد أنتوجد في لحظة واحدة لوجدت بأجمعها في لحظةواحدة، فذلك تابع لكيفية إرادته و لمايراه من مصلحة.
و لو شاء اللّه- مثلا- أن يبقى الجنين فيرحم أمه تسعة أشهر و تسعة أيّام ليطويمراحل تكامله، لما زادت هذه المدة و مانقصت. أمّا لو شاء أن يطوي هذا الجنينمراحل تكامله خلال لحظة واحدة لحدث ذلكقطعا، لأن إرادته علّة تامّة للخليقة، ولا يمكن أن توجد فاصلة بين العلة التامة ووجود المعلول.
كلمة «بديع» من «بدع»، و الإبداع إنشاءصنعة بلا احتذاء و اقتداء منه، و في الآيةبمعنى إيجاد الشيء من غير مادة سابقة «1».
و السّؤال الذي يطرح في هذا المجال يدورحول إمكان إيجاد الشيء من العدم، فكيفيمكن للعدم- و هو نقيض الوجود- أن يكون منشأللوجود؟ و هذه هي الشبهة التي يوردهاالماديون في مسألة «الإبداع» ليستنتجوامنها أن المادة الأصلية للعالم أزليةأبدية، و لا يطرأ عليها وجود و عدم إطلاقا.
في المرحلة الاولى، يوجّه نفس هذاالاعتراض إلى الماديين فهؤلاء يعتقدون أنمادة هذا العالم قديمة أزلية، و لم ينقصمنها شيء حتى الآن، و الذي نراه يتغير هو«الصورة» وحدها، لا أصل المادة. و نحنبدورنا نسأل: كيف وجدت الصورة الحاليةللمادة و لم تكن موجودة من قبل؟ هل وجدت منالعدم؟ إذا كان كذلك، فكيف يمكن للعدم أنيكون منشأ للوجود؟ (تأمل بدقّة).
1- المفردات، مادة بدع.