و بعد أن ذمّ القرآن الفئة المذكورة مناليهود و النصارى، أشاد بأولئك الذينآمنوا من أهل الكتاب و انضموا تحت رايةالرسالة الخاتمة الَّذِينَ آتَيْناهُمُالْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ-اي بالتفكر و التدبر ثم العمل به- أُولئِكَيُؤْمِنُونَ بِهِ أي يؤمنون بالرّسولالكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم وَ مَنْيَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُالْخاسِرُونَ.
هؤلاء كانوا قد تلوا كتابهم السماويحقّا، و كان ذلك سبب هدايتهم، فهم قرءوافيه بشارات ظهور النّبيّ الموعود، و قرءواصفاته المنطبقة مع صفات نبيّ الإسلام صلّىالله عليه وآله وسلّم فآمنوا به، و اللّهمدحهم و أشاد بهم.
العبارة القرآنية: وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَأَهْواءَهُمْ قد تثير سؤالا بشأن عصمةالأنبياء، فهل يمكن للنبيّ صلّى الله عليهوآله وسلّم- و هو معصوم- أن يتبع أهواءالمنحرفين من اليهود و النصارى؟
في الجواب نقول: مثل هذه التعبيرات تكررتفي القرآن الكريم، و لا تتعارض مع مقامعصمة الأنبياء، لأنها- من جهة- جملة شرطية،و الجملة الشرطيّة لا تدل على تحقق الشرط.
و من جهة اخرى، عصمة الأنبياء لا تجعلالذنب على الأنبياء محالا، بل المعصوم لهقدرة على ارتكاب الذنب، و لم يسلب منهالإختيار، و مع ذلك لم يتلوث بالذنوب.بعبارة اخرى: إن المعصوم قادر على الذنب، ولكن إيمانه و علمه و تقواه بدرجة لا تجعلهيتجه معها إلى ذنب. من هنا فالتحذيراتالمذكورة بشأنهم مناسبة تماما.
من جهة ثالثة، هذا الخطاب و إن اتجه إلىالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم و لكن قديكون موجها