امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 432
نمايش فراداده

وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.

الإقرار التام بالعبودية المطلقة للّه،يعلمنا أن لا نحزن على ما فاتنا، لأنهسبحانه مالكنا و مالك جميع ما لدينا منمواهب، إن شاء منحنا إيّاها، و إن استوجبتالمصلحة أخذها منا، و في المنحة و المحنةمصلحة لنا.

و الالتفات المستمر إلى حقيقة عودتنا إلىاللّه سبحانه، يشعرنا بزوال هذه الحياة، وبأن نقص المواهب المادية و وفورها غرضزائل، و وسيلة لارتقاء الإنسان على سلمتكامله، فاستشعار العبودية و العودة فيعبارة إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِراجِعُونَ له الأثر الكبير في تعميق روحالمقاومة و الاستقامة و الصبر في النفس.

واضح أن المقصود من قول هذه العبارة ليسترديدها باللسان فقط، بل استشعار هذهالحقيقة، و الالتفات إلى ما تنطوي عليه منتوحيد و إيمان.

و آخر آية في بحثنا هذا، تتحدث عن الألطافالإلهية الكبرى، التّي تشمل الصابرينالصامدين المتخرجين بنجاح من هذهالامتحانات الإلهية: أُولئِكَ عَلَيْهِمْصَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ «1».

هذه الصلوات و الرحمة تجعل هؤلاء علىبصيرة من أمرهم، في مسيرتهم الحياتيةالمحفوفة بالمزالق و الأخطار، لذلك تقولالآية: وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.

و بهذه العبارات المختصرة المقتضبة، يطرحالقرآن مسألة الامتحان الكبير بأبعادهالمختلفة، و عوامل النجاح فيه و نتائجه.

1- قيل إن الصّلوات هنا ألوان التكريم والتأييد و رفعة المقام، و عن ابن عباسأنّها غفران الذنوب (المنار، ج 2، ص 40)، وواضح أن الصّلوات لها مفهوم واسع يشمل هذهالأمور و سائر النعم الإلهية.