تقول الآية: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْيَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً«1».
و لم يتخذ المشركون هؤلاء الأندادللعبادة فحسب، بل يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّاللَّهِ.
وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّالِلَّهِ، لأنهم أصحاب عقل و إدراك، يفهمونأن اللّه سبحانه مصدر كل الكمالات، و هووحده اللائق بالحبّ، و لا يحبون شيئا آخرإلّا من أجله. و قد غمر الحبّ الإلهي قلبهمحتى أصبحوا يرددون مع أمير المؤمنين عليّعليه السّلام:
«فهبني صبرت على عذابك، فكيف أصبر علىفراقك»؟!
«2».
الحبّ الحقيقي يتجه دائما نحو نوع منالكمال، فالإنسان لا يحبّ العدم و النقص،بل يسعى دوما وراء الوجود و الكمال، و لذلككان الأكمل في الوجود و الكمال أحق بالحبّ.
الآية أعلاه تؤكد أن حبّ المؤمنين للّهأشدّ من حبّ الكافرين لمعبوداتهم.
و لم لا يكون كذلك؟! فلا يستوي من يحبّ عنعقل و بصيرة، و من يحبّ عن جهل و خرافة وتخيّل.
حبّ المؤمنين ثابت عميق لا يتزلزل، و حبّالمشركين سطحي تافه لا بقاء له و لااستمرار.
لذلك تقول الآية: وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَظَلَمُوا، إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ،أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ لرأواسوء فعلهم و سوء عاقبتهم «3».
في هذه اللحظات تزول حجب الجهل و الغرور والغفلة من أمام أعينهم، و حين يرون أنفسهمدون ملجأ أو ملاذ، يتجهون إلى قادتهم ومعبوديهم، ولات حين ملاذ بغير اللّه إِذْتَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَالَّذِينَ اتَّبَعُوا، وَ رَأَوُاالْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُالْأَسْبابُ
1- الأنداد جمع (ند) و هو (المثل)، و قال جمعمن علماء اللغة، هو المثل المشابه فيالجوهر، أي إن المشركين كانوا يعتقدون بأنهذه الأنداد تحمل الصفات الإلهية! 2- من دعاء علي عليه السلام المروي علىلسان كميل بن زياد. المعروف بدعاء (كميل). 3- هذا على تفسير «لو» شرطية و جوابهامحذوف، و من المفسرين من قال إن (لو) هناللتمني.