امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 498
نمايش فراداده

و الإسلام لم يشرع حكم القصاص للقاتلالمجنون و أمثاله، و لكن لا يمكن اعتبارالمرض عذرا لكل قاتل، إذ لا يخفي ما يجرّإليه ذلك من فساد، و من تشجيع القتلة علىارتكاب جرائمهم.

و لو صح هذا الاستدلال بالنسبة للقاتل،لصح أيضا بشأن جميع المعتدين على حقوقالآخرين. لأن الإنسان العاقل المعتدل لايعتدي إطلاقا على الآخرين. و بذلك يجب حذفكل القوانين الجزائية، و يجب إرسالالمعتدين و المجرمين إلى مستشفياتالأمراض النّفسية بدل السجون.

أمّا ادعاء عدم إمكان قبول قانون القصاصاليوم بسبب تطور المجتمع، و بسبب قدم هذاالقانون، فمردود أمام إحصائيات الجرائمالفظيعة الي ترتكب في عصرنا الراهن، وأمام التجاوزات الوحشية التي تنتشر فيبقاع مختلفة من عالمنا بسبب الحروب و غيرالحروب.

و لو أتيح للبشرية أن تقيم مجتمعا إنسانيامتطورا تطورا حقيقيا، فإن مثل هذا المجتمعيستطيع أن يلجأ إلى العفو بدل القصاص، فقدأقرّ الإسلام ذلك، و من المؤكد أن المجتمعالمتطور في آفاقه الإنسانية سيفضّل عفوالقاتل. أمّا في مجتمعاتنا المعاصرة حيثترتكب فيها أفظع الجرائم تحت عناوينمختلفة، فإن إلغاء قانون القصاص لا يزيدفي جرائم المجتمع إلّا اتساعا و ضراوة.

و حول حفظ القتلة في السجون، فإن هذهالعملية لا تحقق هدف الإسلام من القصاص.فالقصاص- كما ذكرنا- يستهدف حفظ حياةالمجتمع، و الحيلولة دون تكرار القتل والجريمة. السجون و أمثالها لا تستطيع أنتحقق هذا الهدف (خاصة السجون الحالية التيهي أفضل من أكثر بيوت المجرمين). و لا أدلعلى ذلك من ارتفاع إحصائيات جرائم القتلخلال فترة قصيرة، في البلدان التي ألغتحكم الإعدام. و لو كانت أحكام السجن عرضةللتقلّص بسبب أحكام العفو- كما هو