و توضيح ذلك أنّ «الغائط»- خلاف ما يفهممنه هذا اليوم- يعني في أصل اللغة المنخفضمن الأرض الذي كان يقصده الإنسان و سكانالصحارى و المسافرون في تلك العهود لقضاءالحاجة فيه ليسترهم عن أعين الناظرين، وعلى هذا يكون معنى هذه الجملة هو: إذا عادأحدكم من المكان المنخفض من الأرض الذي هوفي جملته كناية عن قضاء الحاجة.
و الملفت للنظر أن القرآن استعمل لفظة«أحد منكم» بدل ضمير الجمع المخاطب المصدربالفعل أي «جئتم» ليحافظ على خصيصة «عفةالبيان» التي تجلى بها القرآن الكريم أكثرفأكثر.
و هكذا الحال عند ما يتحدّث عن الجماعفإنّ القرآن يشير إلى هذا الموضوع بعبارةأَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ و لفظة اللمسكناية جميلة عن المقاربة الجنسية.
4- سنتحدث بتفصيل حول بقية خصوصيات التيممعند تفسير قوله تعالى:
صَعِيداً طَيِّباً في ذيل الآية (6) منسورة المائدة إن شاء اللّه.
يتساءل كثيرون: ما الفائدة من ضرب اليدينبالتراب و مسح الجبين و ظهر اليدين بهماخاصّة أنّنا نعلم أن كثيرا من الأتربةملوثة، و ناقلة للميكروبات و الجراثيم؟
في جواب هذه الأسئلة نشير إلى نقطتينمهمتين:
الأولى: الفائدة الخلقية، فإن التيممإحدى العبادات، و تتجلى فيها روح العبادةبكل معنى الكلمة، لأن الإنسان يمس جبهتهالتي هي أشرف الأعضاء في بدنه بيديهالمتربتين ليظهر بذلك خضوعه للّه و تواضعهفي حضرته و لسان حاله يقول:
يا ربّي إنّ جبهتي و كذا يداي خاضعاتأمامك إلى أبعد حدود الخضوع و التواضع،ثمّ يتوجه عقيب هذا العمل إلى القيامبالصلاة و سائر العبادات