و تجدر الإشارة إلى أنّ كلمة «سوء» تشملكل أنواع القبح و الفضيحة، و المقصود منعبارة «الجهر ... من القول» هو كل حالة منالكشف و الفضح اللفظي، سواء كان بصورةشكوى، أو على شكل حكاية أو لعن أو ذم أوغيبة.
و قد استدل بهذه الآية- أيضا على تحريمالغيبة، إلّا أن مفهومها لا ينحصر بهذهالصفة الأخيرة، بل يشمل كل أنواع الكلامالبذيء و المذموم.
إلّا أنّ الآية الكريمة لم تحرم القولبالسوء تحريما مطلقا، فقد استثنت حالةيمكن فيها أن يصار إلى الكشف و الفضح، وهذه الحالة هي إذا وقع الإنسان مظلوما حينقالت الآية: إِلَّا مَنْ ظُلِمَ و بهذاالدليل يستطيع المظلوم- في مقام الدفاع عننفسه- أن يكشف فضائح الظالم، سواء عن طريقالشكوى أو فضح مساوئ الظالم أو توجيهالنقد له، أو استغابته، و لا يسكت علىالظلم حتى استعادة حقوقه من الظالم.
و حقيقة هذا الاستثناء هي أنّ اللّه أرادبه أن يسلب من الظالمين فرصة إساءةاستغلال حكم المنع و التحريم، و لكي لايكون هذا الحكم سببا في سكوت المظلوم عنالمطالبة بحقه من الظالم.
واضح من الآية بأنّ عملية الكشف و الفضحيجب أن تنحصر في إطار بيان مساوئ الظالملدى الدفاع عن المظلومين أو لدى دفاعالمظلوم عن نفسه.
و لكي تسد الآية الطريق على كل انتهازيكاذب يريد إساءة استغلال هذا الحكم بدعوىوقوع الظلم عليه أكّدت على أنّ اللّهيراقب أعمال البشر و يعلم و يسمع بكل مايصدر عنهم من أفعال حيث تقول الآية: وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً.
و في الآية التالية يشير القرآن الكريمإلى النقطة المواجهة لهذا الحكم، حيث يبيحالتحدث عن محاسن الأفراد أو كتمانها (علىعكس المساوئ التي يجب أن تكتم إلّا في حالةاستثنائية) كما تبيح- أو بالأحرى تحثّ-الفرد على إصدار العفو على من ارتكب السوءبحقّه، لأنّ العفو عند المقدرة من صفاتاللّه العزيز