امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 101
نمايش فراداده

أخرى.

كانوا المقدّمين في المجتمع و الأسوةللآخرين على الدوام بما كانوا يتمتّعون بهمن قوة و ثراء، لهذا كانوا يظنون أنّهمبإظهار الكفر سيكونون أسوة للآخرين أيضا،و أن الناس سوف يتبعونهم كما كانوا يفعلونذلك من قبل، و لكنّهم سرعان ما وقفوا علىخطأهم، و علموا أنّ الناس قد اكتسبوابالإيمان باللّه على شخصيّة حضارية جديدةو استقلال فكري، و قوة إرادة.

و الجدير بالانتباه أنّ الأغنياء و الملأوصفوا في الآيات الحاضرة بالمستكبرين، ووصفت الجماهير الكادحة المؤمنةبالمستضعفين، و هذا يفيد الفريق الأوّل قدوصلوا بشعورهم بالتفوق، و غصب حقوق الناسو استغلالهم إلى مرتبة ما يسمى في لغةالعصر بـ «الطبقة المستغلّة»، و الفريقالآخر بالطبقة المستغلّة.

عند ما يئس الملأ و الأغنياء المستكبرونمن زعزعة الإيمان في نفوس الجماهيرالمؤمنة بصالح عليه السلام، و من جانب آخررأوا أنّ وساوسهم و شائعاتهم لا تجدي نفعامع وجود «الناقة» التي كانت تعدّ معجزةصالح عليه السلام، لهذا قرّروا قتلالناقة، مخالفين بذلك أمر ربّهمفَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَ عَتَوْا عَنْأَمْرِ رَبِّهِمْ «1».

و لم يكتفوا بهذا أيضا، بل أتوا إلى صالحنفسه و بصراحة قالُوا يا صالِحُ ائْتِنابِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَالْمُرْسَلِينَ.

يعني أنّنا لا نخاف تهديداتك مطلقا، و أنهذه التهديدات جميعها لا أساس لها ... والحقيقة أنّ هذا الكلام نوع من الحربالنفسية ضد صالح عليه السلام، بهدف إضعافروحيته و روحية المؤمنين به.

و عند ما وصل المعارضون بطغيانهم وتمرّدهم إلى آخر درجة، و أطفأوا في‏

(1) المراد من العقر هو قطع عصب خاص خلف رجلالناقة أو الفرس هو سبب حركتها، فإذا قطعسقط الحيوان، و فقد القدرة على الحركة، والتنقل.