مُفْسِدِينَ «1».ثمّ إنّنا نلاحظ أيضا أنّ جماعة الأغنياءو المترفين ذوي الظاهر الحسن، و الباطنالقبيح الخبيث، الذين عبر عنهم بالملإأخذوا بزمام المعارضة لهذا النّبيالإلهيّ العظيم، و حيث أنّ عددا كبيرا منأصحاب القلوب الطيبة و الأفكار السليمةكانت ترزح في أسر الأغنياء و المترفين، قدقبلت دعوة النّبي صالح و اتبعته، لهذا بدأالملأ بمخالفتهم لهؤلاء المؤمنين.فقال الفريق المستكبر من قوم صالحللمستضعفين الذين آمنوا بصالح: هل تعلمونيقينا أنّ صالحا مرسل من قبل اللّه قالَالْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْقَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوالِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَ تَعْلَمُونَأَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ.على أنّ الهدف من هذا السؤال لم يكن هوتحري الحق، بل كانوا يريدون بإلقاء هذهالشبهات زعزعة الإيمان في نفوس من آمن، وإضعاف معنوياتهم، و ظنا منهم بأن هذهالجماهير ستطيعهم و تكف عن متابعة صالح وحمايته، كما كانت مطيعة لهم يوم كانت تحتسيطرتهم و نفوذهم.و لكن سرعان ما واجهوا ردّ تلك الجموعالمؤمنة القاطع، الكاشف عن إرادتهاالقوية و عزمها على مواصلة طريقها، حيثقالوا: إنّنا لسنا نعتقد بأنّ صالحا رسولمن قبل اللّه فحسب، بل نحن مؤمنون أيضا بماجاء به قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِمُؤْمِنُونَ.و لكن هؤلاء المغرورين المتكبرين لميكفوا عن عملهم، بل عادوا مرّة أخرى إلىإضعاف معنوية المؤمنين قالَ الَّذِينَاسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِيآمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ. و كانت هذهمحاولة منهم لجرّ هؤلاء المستضعفين الىصفوفهم مرّة (1) «تعثوا» مشتقة من مادة «عثى» معنىإيجاد الفساد، غاية ما هنالك أنّ هذهالمادة تستعمل في الأغلب في المفاسدالأخلاقية و المعنوية، في حين تطلق مادة«عبث» على المفاسد الحسية، و بناء على هذايكون كلمة «المفسدين» بعد جملة «لا تعثوا»لغرض التأكيد، لأنّ كليهما يعطيان معنىواحدا.