أمّا لو كان العجل بصورة تمثال ذهبي كانتأدلة بطلانه واضحة عندهم، و كان من الممكنأن يكون وسيلة لاختبار الأشخاص لا شيءآخر.
و النقطة الأخرى التي يجب الانتباهإليها، هي أنّ السامري كان يعرف أن قومموسى عليه السلام قد عانوا سنين عديدة منالحرمان، مضافا إلى أنّهم كانت تغلب عليهمروح المادية- كما هو الحال في أجيالهم فيالعصر الحاضر- و يولون الحليّ و الذهباحتراما خاصّا، لهذا صنع عجلا من ذهب حتىيستقطب إليه اهتمام بني إسرائيل من عبيدالثروة.
أمّا أن هذا الشعب الفقير المحروم من أينكان له كل ذلك الذهب و الفضة؟
فقد جاء في الرّوايات أن نساء بني إسرائيلكنّ قد استعرن من الفرعونيين كمية كبيرةمن الحليّ و الذهب و الفضّة لإقامة أحدأعيادهن، ثمّ حدثت مسألة الغرق و هلاك آلفرعون، فبقيت تلك الحلي عند بني إسرائيل«1».
ثمّ يقول القرآن الكريم معاقبا و موبّخا:ألم ير بنو إسرائيل أن هذا العجل لا يتكلممعهم و لا يهديهم لشيء، فكيف يعبدونه؟ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْوَ لا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا.
يعني أن المعبود الحقيقي هو من يعرف- علىالأقل- الحسن و القبيح، و تكون له القدرةعلى هداية أتباعه، و يتحدث إلى عبدته ويهديهم سواء السبيل، و يعرّفهم على طريقةالعبادة.
و أساسا كيف يسمح العقل البشري بأن يعبدالإنسان شيئا ميتا صنعه و سوّاه بيده، حتىلو استطاع- افتراضا- أن يبدّل الحلّي إلىعجل واقعي فإنّه لا يليق به أن يعبده،لأنّه عجل يضرب ببلادته المثل.
إنّهم في الحقيقة ظلموا بهذا العملأنفسهم، لهذا يقول في ختام الآية:
(1) راجع تفسير مجمع البيان، ذيل الآيةالمبحوثة هنا.