امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 303
نمايش فراداده

برمّتها، فالأمم التي لا تفكر بنفسها وتتلهى بالأمور التافهة غير الصائبة، و لاتعالج جذور شقائها و لا تطمح لأسبابالرقّي، ليس لها آذان سامعة و لا أعينباصرة، فهي من أهل النّار أيضا، لا نارالقيامة فحسب، بل هي مبتلاة بنار الدنيا وشقائها كذلك.

و في الآية التّالية إشارة إلى حال أهلالجنّة و بيان لصفاتهم، فتبدأ الآية بدعوةالناس إلى التدبّر و التوجّه إلى أسماءاللّه الحسنى كمقدمة للخروج من صف أهلالنّار، فتقول: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُالْحُسْنى‏ فَادْعُوهُ بِها.

و المرد من «أسماء اللّه الحسنى» هي صفاتاللّه المختلفة التي هي حسنى جميعا، فنحننعرف أنّ اللّه عالم قادر رازق عادل جوادكريم رحيم، كما أنّ له صفات أخرى حسنى منهذا القبيل أيضا.

فالمراد من دعاء اللّه بأسمائه الحسنى،ليس هو ذكر هذه الألفاظ و جريانها علىاللسان فحسب، كأن نقول مثلا: يا عالم ياقادر يا أرحم الراحمين. بل ينبغي أن نتمثّلهذه الصفات في وجودنا ما استطعنا إلى ذلكسبيلا، و أن يشع إشراق من علمه و شعاع منقدرته و جانب من رحمته الواسعة فينا و فيمجتمعنا.

و بتعبير آخر: ينبغي أن نتّصف بصفاته ونتخلّق بأخلاقه، لنستطيع بهذا الشعاع،شعاع العلم و القدرة و الرحمة و العدل أننخرج أنفسنا و مجتمعنا الذي نعيش فيه منسلك أهل النّار ...

ثمّ تحذر الآية من هذا الأمر، و هو أن لاتحرّف أسماؤه فتقول: وَ ذَرُوا الَّذِينَيُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِسَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.

و الإلحاد- في الأصل- مأخوذ من مادة«اللّحد» على زنة «المهد» التي تعنيالحفرة التي تقع في طرف واحد، و على هذاالأساس فقد سمّيت الحفرة التي تكون فيجانب القبر «لحدا».

ثمّ أطلق هذا الاستعمال «الإلحاد» على كلعمل ينحرف عن الحدّ الوسط