الرقي و التكامل، إلّا أنّهم نتيجةلاتباعهم هواهم و رغبتهم- بكل هذه التوافهمن الأمور تركوا هذه الاستعدادات جانبا ...و كان شقاؤهم كبيرا لهذا السبب:أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ.فالمعين الذي يحييهم و يروي ظمأهم موجودإلى جانبهم و هم على مقربة منه، إلّا أنّهميتصارخون من الظمأ. و أبواب السعادة مفتحةأمامهم لكنّهم لا يلتفتون إليها.و يتّضح ممّا ذكرناه أنفا أنّهم اختاروابأنفسهم سبل شقائهم و هدروا النعم الكبرى«العقل و العين و الأذن ...» لا أنّ اللّهأجبرهم على أن يكونوا من أهل النّار.لماذا هم كالأنعام؟لقد شبّه القرآن الكريم الجاهلينالغافلين عديمي الشعور بالأنعام والبهائم مرارا، إلّا أن تشبيه القرآنهؤلاء بالأنعام لعلّه بسبب انهماكهمباللذائذ و الشهوات الجنسية و النوم فحسب،فهم كالأمم التي تحلم في الوصول إلى حياةمادية مرفهة تحت شعارات برّاقة تخدعالإنسان بأنّ آخر هدف للعدالة الاجتماعيةو القوانين البشرية هو الحصول على الخبز والماء ...و كما يشبههاالإمام علي عليه السلام في نهج البلاغةقائلا: «كالبهيمة المربوطة همّها علفها،أو المرسلة شغلها تقممها» «1».و بتعبير آخر: إنّ جماعة منهم تنعمبالرفاه كالأغنام المربوطة التي تدجنلتسمن، و جماعة آخرين كالغنم السائمةالباحثة عن العلف و الماء في الصحراء،إلّا أن هدف كل منهما هو ما يشبع البطن ليسإلّا!.و هذا الذي ذكرناه أنفا قد يصدق على شخصمعين كما قد يصدق أمّة كاملة (1) نهج البلاغة، من كتاب له و 24 رقم 45.