امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 339
نمايش فراداده

العفو: قد يأتي بمعنى الزيادة في الشي‏ءأحيانا، كما قد يأتي بمعنى الحدّ الوسط،كما يأتي بمعنى قبول العذر و الصفح عنالمخطئين و المسيئين، و تأتي أحيانا بمعنىاستسهال الأمور.

و القرائن الموجودة في الآية تدلّ على أنّالآية محل البحث لا علاقة لها بالمسائلالمالية و أخذ المقدار الإضافي من أموالالناس، كما ذهب إليه بعض المفسّرين، بلمفهومها المناسب هو استسهال الأمور، والصفح، و اختيار الحدّ الوسط «1».

و من البديهي أنّه لو كان القائد أوالمبلغ شخصا فظا صعبا، فإنّه سيفقد نفوذهفي قلوب الناس و يتفرقون عنه، كما قالالقرآن الكريم: وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّاغَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْحَوْلِكَ «2».

ثمّ تعقيب الآية بذكر الوظيفة الثّانيةللنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم و تأمرهبأن يرشد الناس إلى حميد الأفعال التييرتضيها العقل و يدعو إليها اللّه عزّ و جلقائلة: وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ.

و هي تشير إلى أنّ ترك الشدّة لا يعنيالمجاملة، بل هو أن يقول القائد أو المبلغالحق، و يدعو الناس إلى الحق و لا يخفيشيئا.

أمّا الوظيفة الثّالثة للنّبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم فهي أن يتحمل الجاهلين،فتقول: وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ.

فالقادة و المبلغون يواجهون في مسيرهمأفرادا متعصّبين جهلة يعانون من انحطاطفكري و ثقافي و غير متخلقين بالأخلاقالكريمة، فيرشقونهم بالتهم، و يسيئونالظن بهم و يحاربونهم.

فطريق معالجة هذه المعضلة لا يكونبمواجهة المشركين بالمثل، بل‏

(1) لمزيد من التوضيح يراجع الجزء الثّانيمن التّفسير الأمثل في هذا الصدد.

(2) آل عمران، 159.