امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 119
نمايش فراداده

طالب عليه السّلام و ذريته عليهم السّلاممن بعده». «1»

و يتّضح من هذا الحديث أن جنات عدن حدائقخاصّة في الجنّة سيستقر فيها النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم و جماعة من خلّصأصحابه و أتباعه.

و هذا المضمون قد ورد في حديث آخر عن عليعليه السّلام، و يدل على أن جنات عدن مقرإقامة نبي الإسلام صلّى الله عليه وآلهوسلّم.

بعد ذلك تشير الآية إلى الجزاء المعنويالمعد لهؤلاء، و هو رضى اللّه تعالى عنهمالمختص بالمؤمنين الحقيقيين، و هو أهم وأعظم جزاء، و يفوق كل النعم و العطاياالأخرى وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِأَكْبَرُ.

إنّ اللذة المعنوية و الإحساس الروحيالذي يحس و يلتذ به الإنسان عند شعوره برضىاللّه سبحانه و تعالى عنه لا يمكن أن يصفهأي بشر، و على قول بعض المفسّرين فإنّ نسمةو لحظة من هذه اللذة الروحية تفوق نعمالجنّة كلها و مواهبها المختلفة والمتنوعة و اللامتناهية.

من الطبيعي أنّنا لا نستطيع أن نجسم ونرسم صورة في أفكارنا عن أي نعمة من نعمالحياة الأخرى و نحن في قفص الحياة الدنياو حياتها المحدودة، فكيف سنصل إلى إدراكهذه النعمة المعنوية و الروحية الكبرى؟!نعم، يمكن إيجاد تصور ضعيف عن الاختلافاتالمادية و المعنوية التي نعيشها في هذهالدنيا، فمثلا يمكن إدراك الاختلاف فياللذة بين اللقاء بصديق عزيز جدا بعد فراقطويل و لذّة الإحساس الروحي الخاص الذييعتري الإنسان عند إدراكه أو حلّه لمسألةعلمية معقدة صرف في تحصيلها و الوصول إلىدقائقها الشهور، بل السنين، أو الانشدادالروحي الذي يبعث على النشاط و الجد فيلحظات خلوص العبادة، أو النشوة عند توجهالقلب و حضوره في مناجاة تمتزج بهذاالحضور، و بين اللذة التي نحس بها من تناولطعام لذيذ و أمثالها من اللذائذ، و منالطبيعي أن هذه اللذائذ المادية لا يمكنمقارنتها باللذائذ المعنوية، و لا يمكن‏

(1) كتاب الخصال، على ما نقل في نورالثقلين، ج 2، ص 241.