سيما اليهود و النصارى منهم، ليتّضح أنّهلو كان بعض التشدد في معاملتهم، فإنّما هولانحرافهم عن التوحيد، و ميلهم إلى نوع منالشرك في العقيدة، و نوع من الشرك فيالعبادة.
فتقول الآية الأولى من الآيات محل البحث:وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُاللَّهِ وَ قالَتِ النَّصارىالْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَقَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَقَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُقاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ.
«عزير» في لغة العرب هو «عزرا» في لغةاليهود، و لمّا كانت العرب تغيّر في بعضالكلمات التي تردها من لغات أجنبية و تجريعلى لسانها، و ذلك كما هي الحال في إظهارالمحبّة خاصّة فتصغر الكلمة، فصغرت عزراإلى عزير، كما بدلت كلمة يسوع العبرية إلىعيسى في العربية، و يوحنا إلى يحيى. «1»
و على كان حال، فإن عزيرا- أو عزرا- لهمكانة خاصّة في تاريخ اليهود، حتى أنبعضهم زعم أنّه واضع حجر الأساس لأمّةاليهود باني مجدهم و في الواقع فإنّ لهخدمة كبرى لدينهم، لأنّ بخت نصر ملك بابلدمر اليهود تدميرا في واقعته المشهورة، وجعل مدنهم، تحت سيطرة جنوده فأبادوها، وهدموا معابدهم، و أحرقوا توراتهم، و قتلوارجالهم، و سبوا نساءهم، و أسروا أطفالهم،و جيء بهم إلى بابل فمكثوا هناك حواليقرن.
و لما فتح كورش ملك فارس بابل جاءه عزرا، وكان من أكابر اليهود، فاستشفعه
1- المراد من التصغير عادة هو بيان كونالشيء صغيرا في قبال شيء آخر كبير، مثلرجيل المصغر عن رجل، لكن للتصغير أغراضابلاغية منها إظهار المحبّة و غيرها، كمافي اظهار الرجل محبته لولده فيصغّر اسمه.