امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 359
نمايش فراداده

مقدار بقائهم في الدنيا، أي إنّهم يحسونأنّ أعمارهم كانت قصيرة إلى الحد الذييكفي لالتقاء شخصين و تعارفهما ثمّتفرقهما!.

و قد احتمل أيضا- في تفسير هذه الآية- أنّالمقصود هو الإحساس بقصر الزمان بالنسبةلحياة البرزخ، أي إنّ هؤلاء يعيشون فيفترة البرزخ حالة شبيهة بالنوم بحيث لايشعرون بمرور السنين و القرون و الأعصار،و يظنون في القيامة أن مرحلة برزخهم التياستغرقت آلاف أو عشرات الآلاف من السنين،لم تكن إلّا ساعة. و الشاهد على هذاالتّفسير الآيتان (55)- (56) من سورة الروم،اللتان تقولان: وَ يَوْمَ تَقُومُالسَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مالَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوايُؤْفَكُونَ. وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُواالْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْلَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى‏يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِوَ لكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.

يستفاد من هاتين الآيتين أنّ مجموعة منالمجرمين يقسمون في القيامة أن فترةبرزخهم لم تكن أكثر من ساعة، إلّا أنّالمؤمنين يقولون لهم: إنّ المدّة كانتطويلة، و الآن قد قامت القيامة و أنتم لاتعلمون. و نحن نعلم أن البرزخ ليس متساويابالنسبة للجميع، و سنذكر تفصيل ذلك في ذيلالآيات المناسبة.

و بناء على هذا التّفسير، فإنّ معنى جملةيَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ سيكون: إنّهؤلاء يحسون بأنّ زمان البرزخ كان قصيرابحيث أنّهم لم ينسوا أي أمر من أمورالدنيا، و يعرف بعضهم البعض الآخر جيدا. أوأنّ كلا منهم يرى أعمال الآخرين القبيحةهناك، و يطّلع كل منهم على باطن الآخر، وهذا بحد ذاته فضيحة كبرى بالنسبة لهؤلاء.

ثمّ تضيف الآية أنّه سيثبت لكل هؤلاء فيذلك اليوم: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَكَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ و أنفقوا كلملكاتهم و طاقاتهم الحيوية دون جدوى وَ ماكانُوا مُهْتَدِينَ بسبب هذا التكذيب والإنكار و الإصرار على الذنب، و لأنّقلوبهم و أرواحهم كانت مظلمة.