امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 367
نمايش فراداده

أنّ الحق في مقابل الباطل بهذا المعنىالواسع سيشمل كل واقع موجود، و ستكونالنقطة المقابلة له كل معدوم و باطل.

و يأمر اللّه سبحانه نبيّه أن يجيبهم علىهذا السؤال بما أوتي من التأكيد: قُلْ إِيوَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ و إذا ظننتمأنّكم تستطيعون أن تفلتوا من قبضة العقابالإلهي فأنتم على خطأ كبير: وَ ما أَنْتُمْبِمُعْجِزِينَ.

الواقع إنّ هذه الجملة مع الجملة السابقةمن قبيل بيان المقتضي و المانع، ففيالجملة الأولى يقول: إن عذاب المجرمين امرواقعي، و يضيف في الجملة الثّانية أن أيةقدرة لا تستطيع أن تقف أمامه، تماماكالآيات (8)- (9) من سورة الطور: إِنَّ عَذابَرَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ.

إنّ التأكيدات التي تلاحظ في الآية تستحقالانتباه، فمن جهة القسم، و من جهة أخرىإنّ و لام التأكيد، و من جهة ثالثة جملة وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ و كل هذه توكّدعلى أنّ العقاب الإلهي حتمي عند ارتكابالكبائر.

و توكّد الآية الأخرى على عظمة هذهالعقوبة، و خاصّة في القيامة، فتقول: وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مافِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ «1». فيالواقع، إنّ هؤلاء مستعدون لأن يدفعواأكبر رشوة يمكن تصورها من أجل الخلاص منقبضة العذاب الإلهي، لكن لا أحد يقبل منهؤلاء شيئا، و لا ينقص من عذابهم مقدار رأسابرة، خاصّة و أنّ لبعض هذه العقوبات صبغةمعنوية، و هي أنّهم: يرون العذاب و الفضيحةفي مقابل أتباعهم ممّا يوجب لهم اظهارالندم مزيدا من الخزي و العذاب النفسيفلذلك يحاولون عدم إبراز الندم: وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُاالْعَذابَ.

ثمّ توكّد الآية على أنّه بالرغم من كلذلك، فإنّ الحكم بين هؤلاء يجري بالعدل، ولا يظلم أحد منهم: وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْبِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ. إنّهذه الجملة تأكيد على طريقة القرآن دائمافي مسأله العقوبة و العدالة، لأنّتأكيدات‏

(1) في الواقع، إن في الجملة أعلاه جملةمقدرة، و هي: (من هول القيامة و العذاب).