امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 421
نمايش فراداده

و قد جاء هذا المضمون في الآية (57)- (59) منسورة الشعراء، و نقرأ في آخرها: وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ.

من هذه الآيات نخرج بأنّ بني إسرائيل قدبقوا فترة في مصر قبل الهجرة إلى الشام، وتنعّموا ببركات تلك الأرض المعطاء.

ثمّ يضيف القرآن الكريم: وَ رَزَقْناهُمْمِنَ الطَّيِّباتِ و لا مانع بالطبع من أنتكون أرض مصر هي المقصودة، و كذلك أراضيالشام و فلسطين. إلّا أنّ هؤلاء لم يعرفواقدر هذه النعمة فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّىجاءَهُمُ الْعِلْمُ و بعد مشاهدة كل تلكالمعجزات التي جاء بها موسى، و أدلة صدقدعوته، إلّا إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِيبَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيماكانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ و إذا لميتذوقوا طعم عقاب الاختلاف اليوم،فسيذوقونه غدا.

و قد احتمل- أيضا- في تفسير هذه الآية، أنيكن المراد من الاختلاف هو الاختلاف بينبني إسرائيل و اليهود المعاصرين للنّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم في قبول دعوته،أي إنّ هؤلاء رغم معرفتهم صدق دعوته حسببشارات و علامات كتبهم السماوية، فإنّهماختلفوا، فآمن بعضهم، و امتنع القسمالأكبر عن قبول دعوته، و إنّ اللّه سبحانهسيقضي بين هؤلاء يوم القيامة.

إلّا أنّ الاحتمال الأوّل أنسب لظاهرالآية.

كان هذا الحديث عن قسم من ماضي بنيإسرائيل الملي‏ء بالعبر، و الذي بيّن ضمنآيات في هذه السورة، و ما أشبه حال أولئكبمسلمي اليوم، فإنّ اللّه قد نصر المسلمينبفضله مرّات كثيرة. و قهر أعداءهمالأقوياء بصورة إعجازية، و نصر بفضله ورحمته هذه الأمة المستضعفة على أولئكالمتجبرين، إلّا أنّهم و للأسف الشديد،بدل أن يجعلوا هذا النصر وسيلة لنشر دينالإسلام في جميع أرجاء العالم، فإنّهم قداتّخذوه ذريعة للتفرقة و إيجاد النفاق والاختلاف بحيث عرّضوا كل انتصاراتهمللخطر! اللّهم نجّنا من كفران النعمة هذا.