امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 423
نمايش فراداده

و يحتمل أيضا أنّ الآية أعلاه تطرح بحثاجديدا و مستقلا في صدق دعوة النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم، و تعلم المخالفينأنّهم إن كانوا في شك من أحقيته فليسألواأهل الكتاب عن علاماته التي نزلت في الكتبالسابقة كالتّوراة و الإنجيل.

و نقل سبب آخر للنزول في بعض التفاسير «1»يؤيد هذا المعنى، و هو أن جمعا من كفارقريش كانوا يقولون: إنّ هذا القرآن لم ينزلمن اللّه، بل إنّ الشيطان يلقيه علىمحمّد!! و قد سبب هذا الكلام أن يقع عدّةأشخاص في وادي الشك و التردد، فأجابهمبهذه الآية.

هل كان النّبي شاكّا؟!

يمكن أن يتراءى للنظر في البداية أنّ هذهالآيات تحكي عن أنّ النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم كان شاكّا في صدق الآيات التيكانت تنزل عليه، و أنّ اللّه سبحانه قدأزال شكّه عن الطريق أعلاه.

و لكن واقع الأمر أنّ النّبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم كان يتلقى مسألة الوحي معالشهود و المشاهدة- كما تحكي آيات القرآنهذا المعنى- و معه لا يبقي أي معنى للشك فيهذا المورد. إضافة إلى أنّ هذا الأسلوب منخطاب القريب من أجل تنبيه البعيد رائج فيالعرف، و هذا هو المراد من المثل المعروف:إيّاك أعني و اسمعي يا جارة، و تأثير مثلهذا الكلام أكبر من الخطاب الصريح في كثيرمن الموارد.

إضافة إلى أن ذكر الجملة الشرطية لا يدلدائما على احتمال وجود الشرط، بل هوللتأكيد على مسأله ما أحيانا، أو لبيانقانون كلي عام، فنقرأ مثلا في الآية (23) منسورة الإسراء: وَ قَضى‏ رَبُّكَ أَلَّاتَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّايَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَأَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْلَهُما أُفٍّ و ينبغي الانتباه إلى أنّالمخاطب في الآية هو النّبي ظاهرا، إلّاأنّه لما كان النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم فقد أباه قبل ولادته و أمّه في‏

(1) تفسير أبي الفتوح الرازي، الجزء 6، ص 227ذيل الآية.