سواء كان قصيرا أو مديدا جدا بحيث يبلغمليارات السنوات مثلا، و قد نبهنا على هذاالمعنى- في ذيل الآية (54) من سورة الأعراف-بشرح واف في هذا المجال، فلا حاجة للتكرارو الإعادة.
و ذكرنا هناك أن خلق العالم كان في ستةأزمنة متوالية و متتابعة، مع أنّ اللّهقادر على أن يخلق العالم كلّه في لحظةواحدة، و ذلك لأنّ الخلق التدريجي يعطيصورة جديدة و لونا جديدا و شكلا بديعا وتتبيّن قدرة اللّه و عظمته أكثر و أحسن.
فهو يريد أن يبيّن قدرته في آلاف الصور لابصورة واحدة، و حكمته في آلاف الثياب لابثوب واحد، لتتيسر معرفته و كذلك معرفةحكمته و قدرته للناس، و لنجد الدلائل- منخلال عدد الأيّام و السنوات و القرون والأعصار التي مرّت على العالم- على معرفةاللّه! .. ثمّ يضيف سبحانه أن عرشه كان علىالماء وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ.
و من أجل أن نفهم تفسير هذه الجملة ينبغيأن نفهم المراد من كلمتي «العرش» و«الماء».
«فالعرش» في الأصل يعني السقف أو ما يكونله سقف، كما يطلق على الأسرّة العاليةكأسرّة الملوك و السلاطين الماضين، و يطلقأيضا على خشب بعض الأشجار، و غير ذلك.
و لكن هذه الكلمة استعملت بمعنى القدرةأيضا و يقال «استوى فلان على عرشه» كنايةعن بلوغه القدرة كما يقال «ثلّ عرش فلان»كناية عن ذهاب قدرته «1».
كما ينبغي الالتفات إلى هذه الدقيقة، و هيأن العرش يطلق أحيانا على عالم الوجود،لأنّ عرش قدرة اللّه يستوعب جميع هذاالعالم.
و أمّا «الماء» فمعناه معروف، و هو السائلالمستعمل للشرب و التطهير، إلّا أنّه قديطلق على كل سائل مائع كالفلزّات المائعةو ما أشبه ذلك، و بضميمة ما قلناه في
(1) قد يطلق «العرش» و يراد به «الكرسي» وله مفهوم آخر و قد بيّناه في ذيل الآية (225)من سورة البقرة.