قال بعض المفسّرين: إن المقصود بالشاهد هوجبرئيل عليه السّلام أمين وحي اللّه، ومنهم من فسّره بالنّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم، و منهم من قال: إنّ معناه لسانالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في حالةفهم معنى «يتلو» من التلاوة أي القراءة،لا بمعنى التلّو الذي معناه مجيء شخص بعدآخر.
و لكن كثيرا من كبار المفسّرين فسروا«شاهد» بالإمام علي عليه السّلام، ففيروايات كثيرة وصلتنا عن الأئمّةالمعصومين، و في بعض كتب تفسير أهل السنة-أيضا- هناك تأكيد على أنّ المقصود من«الشاهد» في الآية هو الإمام علي عليهالسّلام أوّل من آمن بالنّبي و القرآنالكريم، و كان معه في جميع المراحل و لميقصر لحظة في التضحية دونه و حمايته إلىآخر نفس «1».
و في حديث منقول عن الإمام علي عليه السّلامأنّه قال: «ما من رجل من قريش إلّا و قدأنزل فيه آية أو آيتان من كتاب اللّه، فقالله رجل من القوم: و ماذا أنزل فيك يا أميرالمؤمنين؟ فقال: أما تقرا الآية التي فيهود أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْرَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم علىبيّنة من ربّه و كنت أنا الشاهد» «2».
و في آخر سورة الرعد عبارة تؤيد هذاالمعنى، حيث يقول سبحانه: وَ يَقُولُالَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًاقُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِيوَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُالْكِتابِ.
هناك روايات كثيرة عن طرق الشيعة و أهلالسنة تبيّن أنّ المراد بقوله: وَ مَنْعِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ هو الإمام عليعليه السّلام.
و ممّا يجدر ذكره- كما أشرنا سابقا- أنواحدا من أفضل طرق حقانية أيّ مذهب هومطالعة شخصية أتباعه و المدافعين عنه وحماته. فحين نلاحظ جماعة
(1) راجع تفسير البرهان، و نور الثقلين، والقرطبي، و مجمع البيان، و سائر التفاسير. (2) تفسير البرهان، ج 2، ص 213، و نورالثقلين، ج 2، ص 346.