امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 503
نمايش فراداده

وَ يا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَاللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ.

فطرد المؤمنين الصالحين ليس بالأمرالهيّن، إذ سيكونون خصومي يوم القيامةبطردي لهم، و لا أحد هناك يستطيع أن يدافععنّي و يخلصني من عدل اللّه، و لربّماأصابتني عقوبة اللّه في هذه الدنيا، أمأنّكم لا تفكرون في أن ما أقوله هو الحقيقةعينها أَ فَلا تَذَكَّرُونَ.

و الفرق بين «التفكر» و «التذكّر» هو أنّالتفكر في حقيقته إنّما يكون لمعرفة شي‏ءلم تكن لنا فيه خبرة من قبل، و أمّا التذكرفيقال في مورد يكون معروفا للإنسان قبلذلك، كما في المعارف الفطريّة.

و المسائل التي كانت بين نوح عليه السّلامو قومه هي أيضا من هذا القبيل، مسائليعرفها الإنسان و يدركها بفطرته و تدبّره،و لكن تعصب قومه و غرورهم و غفلتهم وأنانيتهم ألقت عليها حجابا و غشاء فكأنّهمعموا عنها.

و آخر ما يجيب به نوح قومه و يردّ علىإشكالاتهم الواهية .. إنّكم إذا كنتمتتصورون أن لي امتيازا آخر غير الإعجازالذي لديّ عن طريق الوحي فذلك خطأ، و أقوللكم بصراحة: لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِيخَزائِنُ اللَّهِ و لا أستطيع أن أحقق كلشي‏ء أريده و كل عمل أطلبه، حيث تحكيالآية عن لسانه وَ لا أَقُولُ لَكُمْعِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ و لا أقول لكمإنّني مطلع على الغيب وَ لا أَعْلَمُالْغَيْبَ و لا أدعي أنّني غيركم كأن أكونمن الملائكة مثلا وَ لا أَقُولُ إِنِّيمَلَكٌ فهذه الادّعاءات الفارغة والكاذبة يتذرع بها المدّعون الكذبة، وهيهات أن يتذرع بها الأنبياء الصادقون،لأنّ خزائن اللّه و علم الغيب من خصوصياتذات اللّه القدسيّة وحدها، و لا ينسجمالملك مع هذه الأحاسيس البشرية أيضا ..

فكل من يدعي واحدا من هذه الأمور الثلاثةالمتقدمة- أو جميعها- فهو كاذب.

و مثل هذا التعبير ورد في نبي الإسلامصلّى الله عليه وآله وسلّم أيضا كما نلاحظذلك في الآية