امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 505
نمايش فراداده

مصلحة كما نرى الإشارة إليه في الآيتين (26و 27) من سورة الجن عالِمُ الْغَيْبِ فَلايُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً،إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍفَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِوَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً.

فعلى هذا لا منافاة و لا تضادّ بين هذهالآيات- محل البحث- التي تنفي أن يعلمالأنبياء الغيب، و بين الآيات أوالرّوايات التي تنسب إلى الأنبياء أوالأئمّة العلم ببعض الغيب.

فمعرفة أسرار الغيب و الاطلاع عليها منخصوصيّات اللّه بالذات، و ما عند الآخرينفبالعرض و «بالتعليم الإلهي»، و لذلك فإنّعلم الغيب عند غير اللّه محدود بالحدودالتي يريدها اللّه سبحانه «1».

2- مقياس معرفة الفضيلة:

مرّة أخرى نواجه الواقعية في هذه الآيات،و هي أن أصحاب الثروة و القوة و عبيدالدنيا الماديّين يرون جميع الأشياء منخلال نافذتهم المادية .. فهم يتصورون أنّالاحترام و الشخصيّة هما ثمرة وجود الثروةو المقام و الحيثيات فحسب، فلا ينبغيالتعجب من أن يكون المؤمنون الصادقونالذين خلت أيديهم من المال و الثروة فيقاموسهم «أراذل» و ينظرون إليهم بعينالاحتقار و الازدراء.

و لم تكن هذه المسألة منحصرة في نوح وقومه، إذ كانوا يصفون المؤمنينالمستضعفين حوله- و لا سيما الشباب الوعيمنهم- بأنّ عقولهم خالية و أفكارهم قاصرة،و كأنّهم لا قيمة لهم. فالتاريخ يكشف أنهذا المنطق كان موجودا في عصر الأنبياءالآخرين و على الأخصّ في زمن نبي الإسلامصلّى الله عليه وآله وسلّم و المؤمنينالأوائل.

كما نرى الآن مثل هذا المنطق في عصرنا وزماننا، فالمستكبرون الذين يمثلون فراعنةالعصر- اعتمادا على سلطانهم و قدراتهم وقواهم الشيطانية- يتهمون‏

(1) لمزيد من الإيضاح يراجع ذيل الآية (50) منسورة الأنعام و ذيل الآية (188) من سورةالأعراف.