امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 74
نمايش فراداده

بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّامَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ تربصوا غبطتنا وسعادتنا و نحن نتربص شقاءكم و سوء عاقبتكم.

بحوث‏

1- المقادير و سعي الإنسان‏

ممّا لا شك فيه أن مآلنا و عاقبة أمرنا-بأيدينا- ما دام الأمر يدور في دائرة سعيناوجدّنا، و القرآن الكريم يصرّح بهذا الشأنأيضا، كقوله تعالى: وَ أَنْ لَيْسَلِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏ «1»، وكقوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْرَهِينَةٌ «2» و في آيات أخر. بالرغم من أنّالجد و السعي هما من السنن الإلهيّة وبأمره تعالى أيضا.

إلّا أنّه عند خروج الأمر عن دائرة سعيناوجدّنا، فإنّ يد القدر هي التي تتحكمبمآلنا و عاقبة أمرنا، و ما هو جار بمقتضىقانون العليّة الذي ينتهي إلى مشيئة اللّهو علمه و حكمته و هو مقدّر علينا، فهو ماسيكون و يقع حينئذ. غاية ما في الأمر أنالمؤمنين باللّه و علمه و حكمته و لطفه ورحمته، يفسّرون هذه المقادير بأنّهاجارية وفقا «للنظام الأحسن» و ما فيهمصلحة العباد، و كلّ يبتلى بمقادير تناسبهحسب جدارته التي اكتسبها.

فالجماعة إذا كانوا من المنافقين الجبناءو الكسالى و المتفرقين فهي محكومة بالفناءحتما. إلّا أنّ الجماعة المؤمنة الواعيةالمتّحدة المصمّمة، ليس لها إلّا النصر والتوفيق مآلا.

فبناء على ذلك يتّضح أنّ الآيات آنفةالذكر لا تنافي أصل الحرية [حرية الإرادة والإختيار] و ليست دليلا على العاقبةالجبرية للإنسان أو أن سعي الإنسان لا أثرله.

(1) سورة النّجم، 39.

(2) المدثر، 38.