أفراد محتاجون للمال لكنّهم لحفظ ماءالوجه و لعزة أنفسهم لا يسألون الناسمطلقا، كما تبين ذلك الآية (273) من سورةالبقرة: لِلْفُقَراءِ الَّذِينَأُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لايَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِيَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَالتَّعَفُّفِ.
و بعد كل هذا
ففي رواية رواها محمّد بن مسلم عن الإمامالصادق أو الإمام الباقر عليهما السّلام،أنّه سأله عن الفقير و المسكين فقال:«الفقير الذي لا يسأل، و المسكين الذي هوأجهد منه الذي يسأل» «1».
و بهذا المضمون وردت رواية عن أبي بصير عنالصادق عليه السّلام، و كلتاهما صريحتانفي المعنى السابق.
و نذكّر هنا بأنّ قسما من القرائن قد يظهرمنه أحيانا خلاف ما قلناه، إلّا أنّنا إذانظرنا إلى مجموع القرائن اتّضح أن الحق ماقلناه.
يعتقد بعض المفسّرين و الفقهاء أنّ ظاهرالآية يدلّ على وجوب تقسيم الزكاة إلىثمانية أجزاء متساوية، و صرف كل جزء فيمورده الخاص إلّا أن يكون مقدار الزكاة منالقلّة بحيث لا يمكن تقسيمه إلى ثمانيةأقسام.
أمّا الأكثرية الساحقة من الفقهاء فقدذهبوا إلى أن ذكر الأصناف الثمانية فيالآية يبيّن جواز صرف الزكاة في هذهالموارد، لا أنّه يجب تقسيم الزكاة إلىثمانية أجزاء. و السيرة الثابتة للنّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم و أئمّة أهلالبيت عليهم السّلام تؤيّد هذا المعنى،إضافة إلى أنّ الزكاة إحدى الضرائبالإسلامية، و الحكومة الإسلامية هيالمسؤولة عن جبايتها من الناس، و الهدف منتشريعها هو تأمين الحاجات المختلفةللمجتمع الإسلامي.
أمّا كيفية صرف الزكاة في هذه المواردالثمانية، فإنّه يرتبط بالضروراتالاجتماعية من وجه، و برأي و وجهة نظرالحكومة الإسلامية من جهة أخرى.
1- وسائل الشيعة، ج 6، ص 144، باب 1 من أبوابمستحقي الزكاة، حديث 2.