المعاد.
هذا التعجّب من المعاد كان موجودا عندجميع الأقوام الجاهلة، فهم يظنّون انّالحياة بعد الموت امر محال، و لكنّنا نرىانّ الآيات السابقة و آيات اخرى من القرآنالكريم تجيب على هذا التساؤل، فما هوالفرق بين بدء الخلق و البعث من جديد؟فالقادر الذي خلقهم اوّل مرّة باستطاعتهان يبعث الروح فيهم مرّة ثانية، و هل نسيهؤلاء بداية خلقهم حتّى يجادلوا فيبعثهم!؟
ثمّ يبيّن حالهم الحاضر و مصيرهم في ثلاثجمل:
يقول اوّلا: أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوابِرَبِّهِمْ لانّهم لو كانوا يعتقدونبربوبيّة اللّه لما كانوا يتردّدون فيقدرة اللّه على بعث الإنسان من جديد، و علىهذا فسوء ظنّهم بالمعاد هو نتيجة لسوءظنّهم بالتوحيد و ربوبية اللّه.
و الأمر الآخر انّه بكفرهم و عدم ايمانهمو خروجهم من ساحة التوحيد قيّدوا أنفسهمبالاغلال، أغلال عبادة الأصنام و الأهواءو المادة و الجهل و الخرافة، و جعلوها فيأعناقهم وَ أُولئِكَ الْأَغْلالُ فِيأَعْناقِهِمْ.
و مثل هؤلاء الأشخاص ليس لهم عاقبة سوىدخول النّار وَ أُولئِكَ أَصْحابُالنَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.
و في الآية الثانية يشير الى دعوى اخرىللمشركين حيث يقول:
وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِقَبْلَ الْحَسَنَةِ بدلا من طلب الرحمةببركة وجودك بينهم.
لماذا يصرّ هؤلاء القوم على الجهل والعناد؟ لماذا لم يقولوا: لو كنت صادقالأنزلت علينا رحمة اللّه، او لرفعت العذابعنّا!؟
و هل يعتقدون بكذب العقوبات الالهيّة؟ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ«1».
ثمّ تضيف الآية وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُومَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْوَ إِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ
(1) المثلات جمع «مثلة» بفتح الميم و ضمالثاء و معناها العقوبات النازلة علىالأمم الماضية.